. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكَوْنِ إثْبَاتِ مَا كَانَ مُتَزَلْزِلًا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمَخْصُوصَيْنِ هُوَ أَحَدُ ذَيْنِك الشَّيْئَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَأَيْضًا إنَّ الْإِقْرَارَ فِي اللُّغَةِ لَيْسَ بِمَخْصُوصٍ بِإِثْبَاتِ مَا تَزَلْزَلَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمَخْصُوصَيْنِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ لِإِثْبَاتِ كُلِّ مَا تَزَلْزَلَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مُطْلَقًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَأْخَذُ اشْتِقَاقِهِ وَهُوَ الْقَرَارُ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ مُطْلَقًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ يَتَنَاوَلُ الدَّعْوَةَ وَالشَّهَادَةَ أَيْضًا
وَإِنَّمَا يَمْتَازُ الْإِقْرَارُ الشَّرْعِيُّ عَنْهُمَا بِقَيْدٍ لِلْغَيْرِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الدَّعْوَى إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِنَفْسِهِ عَلَى الْغَيْرِ، وَالشَّهَادَةَ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ، فَإِذَا زِيدَ فِي تَعْرِيفِ الْإِقْرَارِ الشَّرْعِيِّ قَيْدٌ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فَعَلَهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ يَخْرُجُ عَنْهُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ.
وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ وَقِيلَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْبَارِ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ فَيَخْتَلُّ التَّعْرِيفُ ثُمَّ أَقُولُ: فِي تَعْرِيفِ الْعَامَّةِ أَيْضًا شَيْءٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ إمَّا إثْبَاتَاتٌ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا إسْقَاطَاتٌ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَنَحْوِهَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِقِسْمِ الْإِسْقَاطَاتِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ تَعْرِيفُهُمْ الْمَذْكُورُ جَامِعًا. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ إقْرَارَ الْمُكْرَهِ لِآخَرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُقُوقِ غَيْرُ صَحِيحٍ شَرْعًا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ، مَعَ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ تَعْرِيفُهُمْ الْمَزْبُورُ مَانِعًا.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ كَوْنَ إقْرَارِ الْمُكْرَهِ غَيْرَ صَحِيحٍ شَرْعًا، إنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ صَحِيحًا شَرْعًا لَا أَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارًا مُطْلَقًا فِي الشَّرْعِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُمْ تَعْرِيفَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ فِي الشَّرْعِ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَعَنْ هَذَا تُرَى التَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ مِنْهُ وَالْفَاسِدَ، حَتَّى إنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ تَرَكُوا قَيْدَ التَّرَاضِي فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعِ بِحَسَبِ الشَّرْعِ لِيَتَنَاوَلَ بَيْعَ الْمُكْرَهِ كَسَائِرِ الْبَيْعَاتِ الْفَاسِدَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا سَبَبُ الْإِقْرَارِ فَإِرَادَةُ إسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ بِإِخْبَارِهِ وَإِعْلَامِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فِي تَبِعَةِ الْوَاجِبِ. وَأَمَّا شَرْطُهُ فَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْأَلْفَاظُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ مُوجَبُ الْإِقْرَارَ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَظُهُورُ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا ثُبُوتُهُ