فَيُوَافِقُهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيُوَافِقُهَا زِيَادَةُ بَيَانٍ وَإِلَّا فَالْجَزَاءُ مُرَتَّبٌ عَلَى قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَا يَصْدُقُ قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَّا عَلَى مَنْ وَافَقَهَا وَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَوَضَحَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثِ وَاحِدٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَعَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الصِّيَامِ
أَوْرَدَ هَذَا الْبَابَ بَيْنَ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَبَيْنَ قِيَامِ رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ فَأَمَّا مُنَاسَبَةُ إِيرَادِهِ مَعَهَا فِي الْجُمْلَةِ فَوَاضِحٌ لِاشْتِرَاكِهَا فِي كَوْنِهَا مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ وَأَمَّا إِيرَادُهُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ مَعَ أَنَّ تَعَلُّقَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ظَاهِرٌ فَلِنُكْتَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا بَلْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ صَنِيعُهُ هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ مَقْطُوعٌ عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ يَعْنِي اشْتِرَاكَهَا فِي كَوْنِهَا مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ وَأَقُولُ بَلْ قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُنَاسَبَةِ لِقِيَامِ رَمَضَانَ لَكِنَّ لِلْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي بَابِ الْجِهَادِ مُنَاسَبَةً بِالْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَسَنَةً جِدًّا لِأَنَّ الْتِمَاسَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَسْتَدْعِي مُحَافَظَةً زَائِدَةً وَمُجَاهَدَةً تَامَّةً وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يُوَافِقُهَا أَوْ لَا وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ يَلْتَمِسُ الشَّهَادَةَ وَيَقْصِدُ إِعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا فَتَنَاسَبَا فِي أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُجَاهَدَةً وَفِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ لِصَاحِبِهِ أَوْ لَا فَالْقَائِمُ لِالْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَأْجُورٌ فَإِنْ وَافَقَهَا كَانَ أَعْظَمَ أَجْرًا وَالْمُجَاهِدُ لِالْتِمَاسِ الشَّهَادَةِ مَأْجُورٌ فَإِنْ وَافَقَهَا كَانَ أَعْظَمُ أَجْرًا وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ تَمَنِّيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهَادَةَ بِقَوْلِهِ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فَضْلَ الْجِهَادِ لِذَلِكَ اسْتِطْرَادًا ثُمَّ عَادَ إِلَى ذِكْرِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ بَابَ الصِّيَامِ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنَ التُّرُوكِ فَأَخَّرَهُ عَنِ الْقِيَامِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ وَلِأَنَّ اللَّيْلَ قَبْلَ النَّهَارِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَ مَشْرُوع