فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ
[36] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ هُوَ اسْمٌ بِلَفْظِ النِّسْبَةِ وَهُوَ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ الْعَبْدِيُّ وَيُقَالُ لَهُ الثَّقَفِيُّ وَهُوَ ثِقَة متقن قَالَ بن الْقَطَّانَ لَمْ يُعْتَلَّ عَلَيْهِ بِقَادِحٍ وَفِي طَبَقَتِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ بَصْرِيٌّ أَيْضًا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَمْ يُخَرَّجْ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ شَيْءٌ قَوْله حَدثنَا عمَارَة هُوَ بن الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ الضَّبِّيُّ قَوْلُهُ انْتَدَبَ اللَّهُ هُوَ بِالنُّونِ أَيْ سَارَعَ بِثَوَابِهِ وَحُسْنِ جَزَائِهِ وَقِيلَ بِمَعْنَى أَجَابَ إِلَى الْمُرَادِ فَفِي الصِّحَاحِ نَدَبْتُ فُلَانًا لِكَذَا فَانْتَدَبَ أَيْ أَجَابَ إِلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَكَفَّلَ بِالْمَطْلُوبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ تَكَفَّلَ اللَّهُ وَلَهُ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ بِلَفْظِ تَوَكَّلَ اللَّهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا ائْتَدَبَ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ مَهْمُوزَةٍ بَدَلَ النُّونِ مِنَ الْمَأْدُبَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَدْ وَجَّهُوهُ بِتَكَلُّفٍ لَكِنْ إِطْبَاقَ الرُّوَاةِ عَلَى خِلَافِهِ مَعَ اتِّحَاد الْمخْرج كَاف فِي تخطئته قَوْله لايخرجه إِلَّا إِيمَانٌ بِي كَذَا هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُخْرِجُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ إِلَّا إِيمَانًا بِالنَّصْبِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَفْعُولٌ لَهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا يُخْرِجُهُ الْمُخْرِجُ إِلَّا الْإِيمَانَ وَالتَّصْدِيقَ قَوْلُهُ وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي ذَكَرَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِلَفْظِ أَوْ تَصْدِيقٌ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ وَتَكَلَّفَ الْجَوَابَ عَنْهُ وَالصَّوَابُ أَسْهَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ أَو وَقَوله بِي فِيهِ عدُول من ضَمِيرِ الْغِيبَةِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فَهُوَ الْتِفَاتٌ وَقَالَ بن مَالِكٍ كَانَ اللَّائِقُ فِي الظَّاهِرِ هُنَا إِيمَانٌ بِهِ وَلكنه عَلَى تَقْدِيرِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنَ الْقَوْلِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيِ انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَلَا يُخْرِجُهُ مَقُولُ الْقَوْلِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَالِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هُوَ اللَّهُ وَتَعَقَّبَهُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ الْمُرَحِّلِ بِأَنَّ حَذْفَ الْحَالِ لَا يَجُوزُ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِاللَّائِقِ هُنَا غَيْرُ لَائِقٍ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَسَيَأْتِي فِي أَثْنَاءِ فَرْضِ الْخُمُسِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ بِلَفْظِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبيله وتصديق كَلِمَاته تَنْبِيه جَاءَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ هَذِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدِ اخْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ سِيَاقِهِ أَكْثَرَ الْأَمْرِ الثَّانِي وَسَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ الْمَذْكُورِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُفَرَّقًا مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَهُنَاكَ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ وَبَابِ صِيَامِ رَمَضَانَ يَأْتِي فِي كتاب الصّيام
أَيْ دِينُ الْإِسْلَامِ ذُو يُسْرٍ أَوْ سَمَّى الدِّينَ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلِهِمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ وَالْعَزْمِ وَالنَّدَمِ قَوْلُهُ أَحَبُّ الدِّينِ أَيْ خِصَالُ الدِّينِ لِأَنَّ خِصَالَ الدِّينِ كُلُّهَا مَحْبُوبَةٌ