وَالشَّرِيعَةُ بِمَعْنًى وَقَدْ شَرَعَ أَيْ سَنَّ فَعَلَى هَذَا فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَالَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الِاتِّحَادِ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَهَذَا فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُهُ النَّسْخُ

(قَوْلُهُ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ)

قَالَ النَّوَوِيُّ يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ هُنَا بَابٌ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَصَوَابُهُ بِحَذْفِهِ وَلَا يَصِحُّ إِدْخَالُ بَابِ هُنَا إِذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ هُنَا قُلْتُ ثَبَتَ بَابٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْهَا رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ لَكِنْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ إِنَّهُ وَقَفَ عَلَى نُسْخَةٍ مَسْمُوعَةٍ عَلَى الْفَرَبْرِيِّ بِحَذْفِهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ من قَول بن عَبَّاسٍ وَعَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلِهِ كَعَادَتِهِ فِي حَذْفِ أَدَاةِ الْعَطْفِ حَيْثُ يُنْقَلُ التَّفْسِيرُ وَقَدْ وَصله بن جرير من قَول بن عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم قَالَ يَقُولُ لَوْلَا إِيمَانُكُمْ أَخْبَرَ اللَّهُ الْكُفَّارَ أَنَّهُ لَا يَعْبَأُ بِهِمْ وَلَوْلَا إِيمَانُ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَعْبَأْ بِهِمْ أَيْضًا وَوَجْهُ الدِّلَالَةِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الدُّعَاءَ عَمَلٌ وَقَدْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْإِيمَانِ فَيَصِحُّ إِطْلَاقُ أَنَّ الْإِيمَانَ عَمَلٌ وَهَذَا عَلَى تَفْسِير بن عَبَّاس وَقَالَ غَيره الدُّعَاء هُنَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ دُعَاءُ الرُّسُلِ الْخَلْقَ إِلَى الْإِيمَانِ فَالْمَعْنَى لَيْسَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عُذْرٌ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَكُمُ الرَّسُولُ فَيُؤْمِنُ مَنْ آمَنَ وَيَكْفُرُ مَنْ كَفَرَ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ أَنْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ الْعَذَابُ لَازِمًا لَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَى الدُّعَاءِ هُنَا الطَّاعَةُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ

[8] قَوْلُهُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ هُوَ قُرَشِيٌّ مَكِّيٌّ مِنْ ذُرِّيَّةِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ هُوَ بن سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي طَبَقَتِهِ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الْتِبَاسِهِ وَيَفْتَرِقَانِ بشيوخهما وَلم يرو الضَّعِيف عَن بن عُمَرَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ يُحَدِّثُ طَاوُسًا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَلَا تَغْزُو فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَائِدَةٌ اسْمُ الرَّجُلِ السَّائِلِ حَكِيمٌ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ عَلَى خَمْسٍ أَيْ دَعَائِمَ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَلَى خَمْسَةٍ أَيْ أَرْكَانٍ فَإِنْ قِيلَ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ إِذْ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا فَكَيْفَ يُضَمُّ مَبْنِيٌّ إِلَى مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي مُسَمًّى وَاحِدٍ أُجِيبَ بِجَوَازِ ابْتِنَاءِ أَمْرٍ عَلَى أَمْرٍ يَنْبَنِي عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَمْرٌ آخَرُ فَإِنْ قِيلَ الْمَبْنِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَجْمُوعَ غَيْرٌ مِنْ حَيْثُ الِانْفِرَادِ عَيْنٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعِ وَمِثَالُهُ الْبَيْتُ مِنِ الشِّعْرِ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ أَحَدُهَا أَوْسَطُ وَالْبَقِيَّةُ أَرْكَانٌ فَمَا دَامَ الْأَوْسَطُ قَائِمًا فَمُسَمَّى الْبَيْتِ مَوْجُودٌ وَلَوْ سَقَطَ مَهْمَا سَقَطَ مِنَ الْأَرْكَانِ فَإِذَا سَقَطَ الْأَوْسَطُ سَقَطَ مُسَمَّى الْبَيْتِ فَالْبَيْتُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَفْرَادِهِ أَشْيَاءُ وَأَيْضًا فَبِالنَّظَرِ إِلَى أُسِّهِ وَأَرْكَانِهِ الْأُسُّ أَصْلٌ وَالْأَرْكَانُ تَبَعٌ وَتَكْمِلَةٌ تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهَا لَمْ يُذْكَرِ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015