وَلِهَذَا جعله بن عُمَرَ جَوَابَ السَّائِلِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي آخِرِهِ وَإِنَّ الْجِهَادَ مِنَ الْعَمَلِ الْحسن وَأغْرب بن بَطَّالٍ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ كَانَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَبَدْرٌ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفِيهَا فُرِضَ الصِّيَامُ وَالزَّكَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَجُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ ثَانِيهَا قَوْله شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَمَا بَعْدَهَا مَخْفُوضٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ خَمْسٍ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ مِنْهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ وَالتَّقْدِيرُ أَحَدُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَذْكُرِ الْإِيمَانَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ سُؤَالُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ فَيَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْمُعْتَقَدَاتِ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مَا مُحَصَّلُهُ هُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِبَعْضِهِ كَمَا تَقُولُ قَرَأْتُ الْحَمْدَ وَتُرِيدُ جَمِيعَ الْفَاتِحَةِ وَكَذَا تَقُولُ مَثَلًا شَهِدْتُ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ وَتُرِيدُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثَالِثُهَا الْمُرَادُ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا أَوْ مُطْلَقُ الْإِتْيَانِ بِهَا وَالْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ إِخْرَاجُ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ رَابِعُهَا اشْتَرَطَ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ تَقَدُّمَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَلَمْ يُتَابَعْ مَعَ أَنَّهُ إِذَا دُقِّقَ فِيهِ بَانَ وَجْهُهُ وَيَزْدَادُ اتِّجَاهًا إِذَا فَرَّقَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ خَامِسُهَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَخْصِيصُ عُمُومِ مَفْهُومِ السُّنَّةِ بِخُصُوصِ مَنْطُوقِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ عُمُومَ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي صِحَّةَ إِسْلَامِ مَنْ بَاشَرَ مَا ذُكِرَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَهَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذين آمنُوا وأتبعناهم ذرياتهم عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ سَادِسُهَا وَقَعَ هُنَا تَقْدِيمُ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ وَعَلَيْهِ بَنَى الْبُخَارِيُّ تَرْتِيبَهُ لَكِنْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة سعد بن عُبَيْدَة عَن بن عُمَرَ بِتَقْدِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَجِّ قَالَ فَقَالَ رجل وَالْحج وَصِيَام رَمَضَان فَقَالَ بن عُمَرَ لَا صِيَامُ رَمَضَانَ وَالْحَجُّ هَكَذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى فَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ حَنْظَلَةَ الَّتِي فِي الْبُخَارِيِّ مَرْوِيَّةٌ بِالْمَعْنَى إِمَّا لِأَنَّهُ لم يسمع رد بن عُمَرَ عَلَى الرَّجُلِ لِتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ أَوْ حَضَرَ ذَلِكَ ثُمَّ نَسِيَهُ وَيَبْعُدُ مَا جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ أَن يكون بن عُمَرَ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَنَسِيَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ رَدِّهِ عَلَى الرَّجُلِ وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّ تَطَرُّقَ النِّسْيَانِ إِلَى الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ أَوْلَى مِنْ تَطَرُّقِهِ إِلَى الصَّحَابِيِّ كَيْفَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ بِتَقْدِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَجِّ وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَنْظَلَةَ أَنَّهُ جَعَلَ صَوْمَ رَمَضَانَ قَبْلُ فَتَنْوِيعُهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمَعْنَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ بِتَقْدِيمِ الصِّيَامِ عَلَى الزَّكَاةِ أَفَيُقَالُ إِنَّ الصَّحَابِيَّ سَمِعَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ هَذَا مُسْتَبْعَدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ اسْمُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ يَزِيدُ بْنُ بِشْرٍ السَّكْسَكِيُّ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيّ رَحمَه الله تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ أُمُورِ الْإِيمَانِ)

وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَمْرُ الْإِيمَانِ بِالْإِفْرَادِ عَلَى إِرَادَةِ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ وَالْأُمُورُ الَّتِي لِلْإِيمَانِ قَوْلُهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَفْضِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَة ومناسبتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015