الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ الدَّلِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ تِلْكَ بِالنَّصِّ وَمِنْ هَذِهِ بِالْإِشَارَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله وَقَالَ معَاذ هُوَ بن جَبَلٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصِيلِيُّ وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو بَكْرٍ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ قَالَ لِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ لِلرَّجُلِ مِنْ إِخْوَانِهِ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً فَيَجْلِسَانِ فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدَانِهِ وَعُرِفَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْأَسْوَدَ أَبْهَمَ نَفْسَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاذٌ قَالَ ذَلِكَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ لِكَوْنِهِ كَانَ مُؤْمِنًا وَأَيُّ مُؤْمِنٍ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى إِرَادَةِ أَنَّهُ يَزْدَادُ إِيمَانًا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَا تَعَلُّقَ فِيهِ لِلزِّيَادَةِ لِأَنَّ مُعَاذًا إِنَّمَا أَرَادَ تَجْدِيدَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُؤْمِنُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَرْضًا ثُمَّ يَكُونُ أَبَدًا مُجَدِّدًا كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ فَكَّرَ وَمَا نَفَاهُ أَوَّلًا أَثْبَتَهُ آخِرًا لِأَنَّ تَجْدِيدَ الْإِيمَان إِيمَان قَوْله وَقَالَ بن مَسْعُودٍ الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنْ أَثَرٍ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَبَقِيَّتُهُ وَالصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ مِنْ حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا وَلَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ وَجَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى عَادَتِهِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَدُلُّ بِالْإِشَارَةِ وَحَذْفِ مَا يَدُلُّ بِالصَّرَاحَةِ إِذْ لَفْظُ النِّصْفِ صَرِيحٌ فِي التَّجْزِئَةِ وَفِي الْإِيمَانِ لِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عبد الله بن عكيم عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا وَفِقْهًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ تَنْبِيهٌ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْأَثَرِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ بن مَسْعُودٍ أَنَّ الْيَقِينَ هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ فَإِذَا أَيْقَنَ الْقَلْبُ انْبَعَثَتِ الْجَوَارِحُ كُلُّهَا لِلِقَاءِ اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ حَتَّى قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَوْ أَنَّ الْيَقِينَ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبَغِي لَطَارَ اشْتِيَاقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَهَرَبًا مِنَ النَّارِ قَوْله وَقَالَ بن عُمَرَ إِلَخْ الْمُرَادُ بِالتَّقْوَى وِقَايَةُ النَّفْسِ عَنِ الشِّرْكِ وَالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ وَالْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَصِحُّ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ حَاكَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْكَافِ الْخَفِيفَةِ أَيْ تَرَدَّدَ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ بَلَغَ كُنْهَ الْإِيمَانِ وَحَقِيقَتَهُ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَبْلُغْ وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى قَول بن عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ مَرْفُوعًا وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ وَابِصَةَ وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَثَرِ بن عُمَرَ وَلَمْ أَرَهُ إِلَى الْآنَ مَوْصُولًا وَقَدْ أخرج بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ التَّقْوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ تَمَامُ التَّقْوَى أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ حَتَّى تَتْرُكَ مَا تَرَى أَنَّهُ حَلَالٌ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَصَلَ هَذَا التَّعْلِيقَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ شَرْعُ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ تَنْبِيهٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَعَ فِي أَصْلِ الصَّحِيحِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فِي أَثَرِ مُجَاهِدٍ هَذَا تَصْحِيفٌ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِبَيَانِهِ وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ شَرَعَ لَكُمْ أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا وَالصَّوَابُ أَوْصَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَأَنْبِيَاءَهُ كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْفِرْيَابِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وبن الْمُنْذِرِ فِي تَفَاسِيرِهِمْ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَكَيْفَ يُفْرِدُ مُجَاهِدٌ الضَّمِيرَ لِنُوحٍ وَحْدَهُ مَعَ أَنَّ فِي السِّيَاقِ ذِكْرَ جَمَاعَةٍ انْتَهَى وَلَا مَانِعَ مِنَ الْإِفْرَادِ فِي التَّفْسِيرِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْآيَةِ بِالْجَمْعِ عَلَى إِرَادَةِ الْمُخَاطَبِ وَالْبَاقُونَ تَبَعٌ وَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّ نُوحًا أُفْرِدَ فِي الْآيَةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنِ التَّصْحِيفُ وَغَايَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ مَجِيءِ التَّفَاسِيرِ بِخِلَافِ لَفْظِهِ أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ تَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا أمروا الا ليعبدوا الله إِلَى قَوْله دين الْقيمَة قَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَحَجَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ وَقَالَ بن عَبَّاسٍ وَصَلَ هَذَا التَّعْلِيقَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَالْمِنْهَاجُ السَّبِيلُ أَيِ الطَّرِيقُ الْوَاضِح والشرعة