(قَوْلُهُ بَابُ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ)

أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ وَجْهَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْتُ مُحَصَّلَ فَوَائِدِهِمَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصِّيَامِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَفْرَدَ تَرْجَمَةَ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ بِالذِّكْرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ وَأَفْرَدَ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام بِالذِّكْرِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشَّاعِرَ بِصَدَدِ أَنْ يُتَّهَمَ فِي حَدِيثِهِ لِمَا تَقْتَضِيهِ صِنَاعَتُهُ مِنْ سُلُوكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِطْرَاءِ وَغَيْرِهِ فَأَخْبَرَ الرَّاوِي عَنْهُ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ شَاعِرًا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي حَدِيثِهِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِهِ يَحْتَمِلُ مَرْوِيَّهُ مِنَ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَيَحْتَمِلُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَلْيَقُ وَإِلَّا لَكَانَ مَرْغُوبًا عَنْهُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَ كُلِّ مَنْ أَخْرَجَ الصَّحِيحَ وَأَفْصَحَ بِتَوْثِيقِهِ أَحْمد وبن مَعِينٍ وَآخَرُونَ وَلَيْسَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْجِهَادِ وَالْآخَرُ فِي الْمَغَازِي وَأَعَادَهُمَا مَعًا فِي الْأَدَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ الْبَابِ فِي التَّهَجُّدِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوْلُهُ وَنَفِهَتْ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تَعِبَتْ وَكَلَّتْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ نثهت بِالْمُثَلثَةِ بدل الْفَاء وَقد استغربها بن التِّينِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ مَعْنَاهَا قُلْتُ وَكَأَنَّهَا أُبْدِلَتْ مِنَ الْفَاءِ فَإِنَّهَا تُبْدَلُ مِنْهَا كَثِيرًا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَدَلَهَا وَنَهَكَتْ أَيْ هَزَلَتْ وَضَعُفَتْ قَوْلُهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَيْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ أَيْ بِالتَّضْعِيفِ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحًا قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ هُوَ عَامِرٌ وَقِيلَ زَيْدٌ وَقِيلَ زِيَادُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ الْهُذْلِيُّ لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَلَيْسَ لِأَبِي الْمَلِيحِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَأَعَادَهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ وَآخَرُ تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ قَوْلُهُ دَخَلْتَ مَعَ أَبِيكَ وَقَعَ فِي الِاسْتِئْذَانِ مَعَ أَبِيكَ زَيْدٍ وَهُوَ وَالِدُ أَبِي قِلَابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَقِيلَ عَامِرٍ الْجَرْمِيِّ قَوْلُهُ فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ شَكٌّ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ شَكٌّ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَهُ إِلَى بَيْتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِقَاءَهُ إِيَّاهُ كَانَ عَنْ قَصْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَتَرْكِ الِاسْتِئْثَارِ عَلَى جَلِيسِهِ وَفِي كَوْنِ الْوِسَادَةِ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الضِّيقِ إِذْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَشْرَفُ مِنْهَا لَأَكْرَمَ بِهَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ خَمْسًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ خَمْسَةً وَكَذَا فِي الْبَوَاقِي فَمَنْ قَالَ خَمْسَةً أَرَادَ الْأَيَّامَ وَمَنْ قَالَ خَمْسًا أَرَادَ اللَّيَالِيَ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ قَوْلُهُ قَالَ إِحْدَى عَشْرَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُهُ شَطْرُ الدَّهْرِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ صَوْمِ دَاوُدَ قَوْلُهُ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ وَيَجُوزُ فِيهِ الْحَرَكَاتُ أَيْضًا وَفِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو هَذِهِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ هُنَا وَفِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ بَيَانُ رِفْقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِرْشَادِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَحَثُّهُ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا يُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَنَهْيُهُمْ عَنِ التَّعَمُّقِ فِي الْعِبَادَةِ لِمَا يُخْشَى مِنْ إِفْضَائِهِ إِلَى الْمَلَلِ الْمُفْضِي إِلَى التَّرْكِ أَوْ تَرْكِ الْبَعْضِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا لَازَمُوا الْعِبَادَةَ ثُمَّ فَرَّطُوا فِيهَا وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى الدَّوَامِ عَلَى مَا وَظَّفَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَفِيهِ جَوَازُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَوْرَادِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِ الرِّيَاءِ وَفِيهِ جَوَازُ الْقَسَمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015