عَلَى الْتِزَامِ الْعِبَادَةِ وَفَائِدَتُهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْيَمِينِ عَلَى النَّشَاطِ لَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصِ فِيهَا وَأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْحَقُهَا بِالنَّذْرِ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَأَنَّ النَّفْلَ الْمُطْلَقَ لَا يَنْبَغِي تَحْدِيدُهُ بَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّفْدِيَةِ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ وَفِيهِ أَنَّ طَاعَةَ الْوَالِدِ لَا تَجِبُ فِي تَرْكِ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا احْتَاجَ عَمْرٌو إِلَى شَكْوَى وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ طَاعَتِهِ لِأَبِيهِ وَفِيهِ زِيَارَةُ الْفَاضِلِ لِلْمَفْضُولِ فِي بَيْتِهِ وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ بِإِلْقَاءِ الْفُرُشِ وَنَحْوِهَا تَحْتَهُ وَتَوَاضُعُ الزَّائِرِ بِجُلُوسِهِ دُونَ مَا يُفْرَشُ لَهُ وَأَنْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيل التَّوَاضُع وَالْإِكْرَام للمزور
كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ إِلَخْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْبِيضِ اللَّيَالِي وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْقَمَرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ حَتَّى قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ مَنْ قَالَ الْأَيَّامَ الْبِيضَ فَجَعَلَ الْبِيضَ صِفَةَ الْأَيَّامِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْيَوْم الْكَامِلَ هُوَ النَّهَارُ بِلَيْلَتِهِ وَلَيْسَ فِي الشَّهْرِ يَوْمٌ أَبْيَضُ كُلُّهُ إِلَّا هَذِهِ الْأَيَّامُ لِأَنَّ لَيْلَهَا أَبْيَضُ وَنَهَارَهَا أَبْيَضُ فَصَحَّ قَوْلُ الْأَيَّامِ الْبيض على الْوَصْف وَحكى بن بَزِيزَةَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِيضًا أَقْوَالًا أُخَرَ مُسْتَنِدَةً إِلَى أَقْوَال واهية قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُمَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَالْبِيضُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِيمَاءِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبٍ قَدْ شَوَاهَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا وَأَمْسَكَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْكُلَ فَقَالَ إِنِّي أَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الْغُرَّ أَيِ الْبِيضَ وَهَذَا الْحَدِيثُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا بَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ وَجَاءَ تَقْيِيدُهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ وَيُقَالُ بن مِنْهَالٍ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ وَقَالَ هِيَ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ مَرْفُوعًا صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ أَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ وَصِيَّةَ أَبِي هُرَيْرَةَ بذلك لَا تخْتَص بِهِ وأماما رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن خُزَيْمَة من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةَ كُلِّ شَهْرٍ وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالِاثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَمَا قَبْلَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم