أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ نَعَمْ إِنْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصًا لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِالصِّيَامِ أَصْلًا وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي خُوطِبَ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّهِ أَرْجَحَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن خُزَيْمَةَ فَتَرْجَمَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ صِيَامَ دَاوُدَ إِنَّمَا كَانَ أَعْدَلَ الصِّيَامِ وَأَحَبَّهُ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يُؤَدِّي حَقَّ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَزَائِرِهِ أَيَّامَ فِطْرِهِ بِخِلَافِ مِنْ يُتَابِعُ الصَّوْمَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا أَنْ يَكُونَ أَرْجَحَ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ فَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْإِكْثَارَ مِنَ الصَّوْمِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْإِكْثَارَ مِنَ الْإِفْطَارِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْمَزْجَ فَعَلَهُ حَتَّى إِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ قَدْ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ فِي ذَلِكَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ أَخِيرًا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

(قَوْلُهُ بَابُ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ)

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ مُطَوَّلًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ هُنَاكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ الزِّيَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بالصيام قَرِيبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015