وعن عامر قال: "شهد رجلان من أهل دقوقاء على وصية مسلم، فاستحلفهما أبو موسى بعد العصر؛ بالله: ما اشترينا به ثمناً قليلاً، ولا كتمنا شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين، ثم قال: إن هذه القضية ما قضي بها منذ مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم. رواه ابن أبي شيبة (4/495) ، وعبد الرزاق (8/360) ، وأبو داود رقم: (3605) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (11/462) ، والبيهقي (3/278) ، والحاكم (2/314) ، قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر عن إسناد أبي داود (رجاله ثقات) ا. هـ، فتح الباري (5/483) ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان تميم الداري - قبل أن يسلم- وعدي بن بداء يختلفان إلى مكة بالتجارة، فخرج معهما رجل من بني سهم، فتوفي بأرض ليس فيها مسلم، فأوصى إليهما، فدفعا تركته إلى أهله، وحبسا جاما من فضة مخوَّصاً بالذهب، ففقده أولياؤه، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلفهما: ما كتمنا، ولا أضعنا، ثم عرف الجام بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي، فحلفا بالله: إن هذا لجام السهمي، ولشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين، فأخذ الجام، وفيهما نزلت هذه الآية" أخرجه البخاري مختصراً معلقاً في الوصايا باب قول الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم" الآية رقم: (2780) (5/480) ، والترمذي رقم (3060) ، وأبو داود رقم (3606) ، وابن النحاس في الناسخ والمنسوخ (2/308) ، وصح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال في هذه الآية: "هذا لمن مات وعنده المسلمون، فأمر الله أن يشهد في وصيته عدلين من المسلمين، ثم قال تعالى: "أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ" [المائدة: من الآية106] ، فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين فأمر الله - عز وجل- أن يشهد رجلين من غير المسلمين، فإن ارتيب بشهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله: لا نشتري بشهادتنا ثمناً"رواه ابن جرير في تفسيره
(5/110) ، وابن النحاس في الناسخ (2/302) ، رقم: (459) ، قال الحافظ ابن حجر عن إسناد الطبري (رجاله ثقات) ا. هـ، فتح الباري (5/483) ، وهذا أيضاً هو مذهب ابن مسعود وسعيد بن المسيب وشريح وعبيدة السلماني والنخعي وسعيد بن جبير، وغيرهم، وهو الصواب، وقد أفاض العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في تقرير ذلك في كتابه النافع (الطرق الحكمية) (153) ، وأجاب فيه عن حجج المخالفين.
وكذلك من المسائل: أن المالكية قالوا: تجوز شهادة الطبيب الكافر حتى على المسلم للحاجة؛ انظر: المنتقى (5/213) ، الذخيرة (10/240) ، تبصرة الحكام (1/247و 2/12) ، التاج والإكليل (6/116) .
والحنفية يجيزون شهادة الكفار في كل شيء بعضهم على بعض، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/340) ، المبسوط (16/140) ، البحر الرائق
(7/158) ، منحة الخالق (7/158) ، رؤوس المسائل (529) ، فتح القدير (7/416) ، شرح أدب القاضي للحسام الشهيد (614) .