قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: قال شيخنا - رحمه الله-: (وقول الإمام أحمد في قبول شهادتهم في هذا الموضع: هو ضرورة يقتضي هذا التعليل قبولها في كل ضرورة حضراً وسفراً) انظر: الطرق الحكمية (160) ، الاختيارات (359) ، الجامع للخلال
(1/216) النكت على المحرر (2/277) .
وأشير إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتعدى على حقوق الآخرين ولو كانوا غير مسلمين، كما يحرم عليه الكذب والغش في المعاملة؛ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "من غش فليس منَّا" رواه مسلم (102) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-.
وغير المسلمين لا نضيع حقوقهم في بلاد المسلمين، بل حقهم محفوظ؛ فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- يتخاصم هو ويهودي أمام القاضي شريح ويُحكم لليهودي، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" رواه أحمد (3/153) ، والشهاب (2/97) من حديث أنس - رضي الله عنه-، وقال عليه الصلاة والسلام: "ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه يوم القيامة" رواه أبو داود (3052) عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-.
وأخيراً حفظ الحقوق ليست مقتصرة على الشهادة فقط؛ بل الشهادة طريق من طرق الحكم؛ قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (فطرق الحكم شيء، وطرق حفظ الحقوق شيء آخر، وليس بينهما تلازم، فتحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يُحفظ به، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه، ولا خطر على باله: من نكول، ورد يمين، وغير ذلك) الطرق الحكمية (116) ، لذا ينبغي على الجميع خاصة في هذا الزمان أن يجتهدوا في حفظ حقهم بالوسائل المتيسرة.
والله- تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.