المجيب أ. د. نعمان عبد الرزاق السامرائي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقاً
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
كنا في مجلس ضم بعض الإخوة، وكان الكلام على الفدرالية والاستقلال لأكراد العراق، فمنهم من مال إلى أنه لا شيء في أي منهما، قياساً للفدرالية على الولايات في دولة الخلافة، وقياساً للاستقلال على الدول العربية والإسلامية الموجودة، واحتجاجاً بأن ذلك لدفع الضرر عن الشعب الكردي، وبأن التفرق بين الأمة حاصل لا يحدثه إنشاء دولة كردية، ومنهم من مال إلى عدم الجواز؛ لما في ذلك من الفرقة، وتمكن العدو من استخدام الأكراد لمصالحه، ونشوء الدولة على أساس قومي لا على أساس ديني، ويكون الحكم فيها بغير الشرع. فنرجو الجواب على هذا الموضوع بالتفصيل مع الدليل والتعليل والتعليق على ما يمكن التعليق عليه من فقرات السؤال.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
انتشرت الحركة القومية في أواخر العهد العثماني، وتحرك الأكراد وقاموا بأكثر من ثورة مطالبين بدولة لهم تجمع شتاتهم، وهم يجادلون بأن لكل قومية دولة أو دول إلا الأكراد -وهذه حقيقة يصعب تجاهلها أو المجادلة فيها-، ولكن لم يكن للعرب يد فيها.
والنظام الفدرالي معروف في العالم من الهند إلى نيجريا حتى الولايات المتحدة. المشكلة الأساسية ليست في النظام، ولكن في الأساس الذي تقوم عليه الفدرالية، فيمكن أن يقوم النظام الفدرالي على أساس قومي، فيكون مقدمة للانفصال، ويمكن أن يقوم على أساس جغرافي فلا يؤدي للانفصال.
في قضية العراق قد انفصل الشمال الكردي وأقام دولة، لا سلطة لغير الأكراد فيها حتى اليوم، فإذا أقيمت الفدرالية على الأساس القومي فسينفصل الأكراد اليوم أو غداً، أما إذا طبقت الفدرالية على أساس الأرض، كأن تدخل "الموصل" العربية وبعض المناطق العربية مع المحافظات الكردية فلا إشكال.
والنقطة الأكثر إثارة وحساسية هي "كركوك"، ففيها نفط جيد، وفيها عرب وأكراد وتركمان، ووضعها تحت يد أي طرف يثير أكبر نزاع، ويفجر أكبر المشاكل.
تركيا مستعدة للحرب؛ كي لا تقوم دولة كردية على حدودها، فيصعب عندها ضبط الأكراد في تركيا، كذلك لا تسمح بأن تكون (كركوك) تحت الولاية الكردية أيضاً.
إيران وسوريا لا ترضى بقيام دولة كردية، لما تمثله من خطر على الدولتين، نظراً لوجود ملايين من الأكراد فيهما.
فإذا كان ولا بد من (فدرالية) فلتكن على أساس الأرض لا القومية، وإلا كانت مقدمة للانفصال، وستكون الدولة الكردية متحالفة مع أمريكا وإسرائيل، وستكون بؤرة تجسس وتخريب إسرائيلية أمريكية، ومن هنا يأتي الخطر على المنطقة وأهلها.