البيع على القوات المحتلة ما لا تتقوى به على حرب المسلمين

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة

التاريخ 15/08/1425هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أنا مواطنة عراقية، أعمل في مجال إعداد الأزياء الفلكلورية ذات الطابع التراثي والتاريخي، قبل الاحتلال كنت أبيع منتجاتي للعراقيين والأجانب المقيمين داخل وخارج العراق، ويشكل دخلي من عملي هذا جزءًا كبيرًا في معيشتنا العائلية، والحمد لله، بعد سقوط بلدنا العزيز بيد القوات المحتلة عرض علي بعض الأصدقاء ببيع منتجاتي للأمريكان المحتلين عن طريق شركة عراقية، وبعد مناقشة طويلة سألت بعضًا من رجال الدين، وقد حصلت على إجابات متضاربة، وعدت إلى بعض كتب فقه السنة التي استطعت الحصول عليها ولم أجد بها ما يساعدني على اتضاح الصورة غير نهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عن بيع السلاح في الفتنة، وبعد مناقشة الموضوع مع أسرتي عدت إلى استفتاء قلب، ي وقلت بأن الدول المسلمة وخاصة العربية عاشت سنوات طويلة في ظل الاستعمار، فكيف كان حال الناس وقتها؟ وإن أغلب العاملين الآن في العراق إن لم يكونوا كلهم هم بالتالي يتعاملون مع المحتلين سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة شاءوا أم أبوا، إن ما أحصل عليه من مال هو أصلاً مالنا، فكأنني والآخرين من أمثالي نسترجع جزءًا ولو بسيطًا من أموال العراق المسلوبة. أرجو من سماحتكم أن توضحوا لي موقف ديننا الحنيف في حالتي التي ذكرتها. وبارك الله فيكم.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

إذا كان عملكِ في الأزياء والتراث الشعبي والتاريخي، فلا شيء عليكِ في ذلك، وكذلك بيعها للكفار المحتلين أو غيرهم؛ لأن تعامل المسلم مع الكافر بالبيع والشراء وسائر العقود الشرعية جائز لا شيء فيه- والحمد لله- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع المقوقس القبطي ملك مصر، ومع أكيدر أمير دومة الجندل، ومع صفوان بن أمية، وأجرى مع هؤلاء وغيرهم عقود الهدية والهبة والاستعارة وسائر عقود البيع والشراء، وكذلك صحابته، رضي الله عنهم، من بعده، فقد آجر علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، نفسه عند يهودي يسقي له ماء من بئر في كل دلو بتمرة، وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم- جزءًا من حياته في كنف عمه أبي طالب يحوطه ويذود عنه، وهذه الحماية يقصر دونها الطعام والشراب، وإعانة الكفار الممنوعة زمن الفتنة هي ما تتقوى به أو تضعف بدونه قوة الكفار وشوكتهم على المسلمين، ولذلك مثَّل له العلماء ببيع السلاح للكفار وقت الفتنة، أي قيام الحرب بينهم وبين المسلمين، ويلحق به بيع الطعام والشراب لهم إذا لم يستطيعوا جلبه إلا من المسلمين، فيحرم بيعهم حينئذ لتوقف حاجتهم له على المسلمين حينئذ.

وعلى هذا فإن عملكِ الأزياء الفلكورية ذات الطابع التراثي والتاريخي لقوات الاحتلال وغيرهم من الكفار جائز لا شيء فيه- إن شاء الله- حيث الأصل فيه الإباحة وليس فيه إعانة أو تقوية للكفار. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015