ونظراً إلى كثرة النوازل والوقائع المستجدة التي نزلت بالأمة اليوم مما لم يعرف عند السابقين من سلفنا الصالح كالتأمين ضد الغير، والتصوير، وعقود التأجير المنتهية بالتمليك، وبطاقات الائتمان، ونحو ذلك، ينبغي أن يفتى الناس بما لا يشق عليهم ما دام في النصوص والقواعد الشرعية متسع ومخرج، والنوع الأول من القواعد الشرعية التي مثلنا ببعضها تتسع لكل نازلة تنزل بالأمة، وهذا رحمة من الله بعباده، وسر من أسرار التشريع لهذا الدين الخاتم "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" [المائدة:3] ، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة:185] ، "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" [الأعراف:157] .
فهذه الآية الكريمة ركزت على ست صفات يجب على الموقعين عن رب العالمين وورّاث النبوة -الحكام والمفتون- مراعاتها عند إصدار الأحكام والفتاوى حتى يكونوا من المفلحين، والدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن في ذلك إثم أو معصية، والله أعلم.