المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
المرجو توضيح الضرورة الشرعية التي تستدعي التأمين كما هو مذكور في سياق الفتوى المعنونة بـ (أخذ التعويض من شركة التأمين) .
الجواب
إن القواعد الشرعية في الفقه الإسلامي، منها: ما يستند مباشرة إلى دليل شرعي من الكتاب أو السنة، ومنها: يستند إلى اجتهاد واستنباط أصولي أو فقهي (فرعي) ، ومثال النوع الأول: (الضرر يزال) ، و (الضرورات تبيح المحظورات) ، و (المشقة تجلب التيسير) ، ومثال النوع الثاني: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ، و (ما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة) ، و (الاجتهاد لا ينقض بمثله) ، وما كان من النوع الأول يجوز الاستدلال بالقاعدة في الفتوى والقضاء لاستناد تلك القاعدة إلى آية من القرآن أو حديث من السنة النبوية، وما كان من النوع الثاني لا يستدل بالقاعدة على إصدار الحكم أو الفتوى، وإنما يستأنس بها؛ لأنها لا تعدو أن تكون أمراً اجتهادياً بحتاً، فهي بحاجة إلى أن يستدل لها لا أن يستدل بها، والتفريق بين هذه القواعد والاستدلال لها أو عليها مبسوط في كتب القواعد، ويعرفه أهل العلم مما لا مجال لذكره هنا.
أما كيف تستدعي الضرورة جواز أخذ التعويض من شركة التأمين فالذي يقدّره المفتي أو القاضي الشرعي بعد النظر في سؤال المستفتي وحاله وحال الشركة التي تقوم بالتعويض له أو عنه، وما في العقد من شروط وما قد يعتريه من صحة وفساد، وهل عقد التأمين إجباري لا خيار للسائل فيه، إن كان كذلك فأخذ التعويض جائز من (باب الضرورات تبيح المحظورات) ، وإن كان اختيارياً فلا يجوز له الدخول فيه، ثم إن (الضرورة تقدر بقدرها) فإذا كان الإلزام بالتأمين على نوع منه كالسيارات مثلاً فيكتفى به ولا يدخل في أنواع أخرى كالتأمين على عموم الممتلكات من بيوت، ومزارع، ومصانع، هذا كلّه إذا كان المفتي أو الحاكم يرى حرمة التأمين، أما لو كان يرى جوازه وحله فلا حاجة للاستدلال بقاعدة الضرورة، بل يستند حينئذٍ إلى قواعد أخرى معتمدة على دليل شرعي كقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) ، و (الأصل في العقود الجواز) ، وهكذا.
أما العالم وطالب العلم المتمكن الذي لا يحتاج أن يستفتي أو يقلد غيره في مثل هذه المسألة فإضافة إلى ما سبق، عليه أن يستفتي قلبه وخير له أن يأخذ لنفسه بالأحوط والعزيمة وإن أفتى الناس بالجواز والرخصة.