وأما التفسير الإشاري، فهو تأويل القرآن بغير ظاهره، لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف، ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضا ... كقول بعضهم في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار" [التوبة:123] : إن المراد النفس، يريدون أن علة الأمر بقتال من يلينا هي القرب وأقرب، شيء إلى الإنسان نفسه.

قال الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن (2/57) : ومن هنا يعلم الفرق بين تفسير الصوفية المسمى بالتفسير الإشاري وبين تفسير الباطنية الملاحدة، فالصوفية لا يمنعون إرادة الظاهر، بل يحضون عليه، ويقولون: لا بد منه أولا، إذ من ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم الظاهر، كمن ادعى بلوغ سطح البيت قبل أن يجاوز الباب، وأما الباطنية فإنهم يقولون: إن الظاهر غير مراد أصلا، وإنما المراد الباطن، وقصدهم نفي الشريعة. ا. هـ

وقد اختلف العلماء في هذا التفسير الإشاري، فمن منعه قال خشية الوقوع في التقول على الله بغير علم ولا هدى.

ومن أجازه شرط في ذلك سبعة شروط:

الأول: ألا يكون التفسير الإشاري يتنافى وما يظهر من معنى النظم القرآني.

الثاني: ألا يدعى أنه هو المراد وحده دون الظاهر، أو باقي وجوه التفسير.

الثالث: ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي.

الرابع: ألا يكون مبنيا على نصرة البدعة ونشر الهوى.

الخامس: ألا يكون له شاهد شرعي يؤيده. فلا يكون بهذا إشاريا.

السادس: ألا تؤخذ الأحكام عن طريق التفسير الإشاري لعدم الدليل الواضح عليها.. وما يستفاد منها فهو في مجال الأخلاق وسمو النفس وتقوية الإيمان وتثبيت اليقين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015