فالتحريف الأول تحريف معنوي للفظ، والتحريف الثاني لفظي.
قال النحاس: أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازا، فإذا قال: تكليما. وجب أن يكون كلاما على الحقيقة التي تعقل.
ومما يردّ عليهم هذا التحريف قوله تعالى في موضع آخر: "ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه" [الأعراف:143] .
قال الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن (2/55) : ومذهب الباطنية على عمومه وباء انتقل إليهم بطريق العدوى من المجوس.
ومن تأويلاتهم الفاسدة في القرآن أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى: "وورث سليمان داود" [النمل:16] . إن الإمام عليا ورث النبي في علمه.
ويقولون: معنى الجنابة: إنها مبادرة المستجيب بإفشاء السر قبل أن ينال رتبة الاستحقاق،
ومعنى الغسل: تجديد العهد على من فعل ذلك.
ومعنى الطهارة: التبري من اعتقاد كل مذهب سوى متابعة الإمام، ومعنى التيمم: الأخذ من المأذون إلى أن يشاهد الداعي الإمام، ومعنى الصيام: الإمساك عن كشف السر، ويقولون: إن الكعبة هي النبي صلى الله عليه وسلم، والباب: علي، والصفا: هو النبي، والمروة: علي، ونار إبراهيم: هي غضب النمرود عليه، وعصا موسى: هي حجته ... إلى غير ذلك من الخرافات التي لا يقبلها عقل ولا يؤيدها نقل.
وهذه التأويلات الفاسدة من أشد وأنكى ما يصاب به الإسلام والمسلمون؛ لأنها تؤدي إلى نقض بناء الشريعة حجرا حجرا، وإلى الخروج من ربقة الإسلام، وحل عراه عروة عروة، ولأنها تجعل القرآن والسنة فوضى فاحشة يقال فيهما ما شاء الهوى أن يقال، كأنهما لغو من الكلام أو كلأ مباحاً للبهائم والأنعام، وأخيرا ينفرط عقد المسلمين ويكون بأسهم بينهم من جراء هذا العبث بتلك الضوابط الدينية الكبرى والحوافظ الأدبية العظمى وما دام لكل واحد أن يفهم من القرآن ما شاء له الهوى والشهوة دون اعتصام بالشريعة ولا التزام لقواعد اللغة لم يعد القرآن قرآنا وإنما الهوى والشهوة فحسب ...