رابعاً: تختلف هذه الأعمال الو سواسية من مريض إلى آخر.. وتأخذ أشكالاً عدة.. إلا أن أكثرها انتشاراً هو ((وسواس التلوث)) حيث يشعر المصاب بأنه قد تلوث بشيء ما من أوساخ وجراثيم وربما بنجاسة.. ولذلك فإننا نراه يغسل.. ويغسل.. ويكرر ذلك كثيراً.. حتى لربما أصيب بحالة من التهابات الجلد..!! وقد يسيطر على المريض هوس النظافة للمنزل أو للمتعلقات الأخرى.. فتراه لا يهدأ حتى يبدأ بتنظيفها وترتيبها.. ولا يكاد ينتهي.. حتى يبدأ من جديد..!! وهكذا ... وقد تكون الوساوس القهرية مرتبطة بالحاجة للأمن.. والخوف من المجهول.. بشكل يتعدى المألوف.. فترى المصاب يكرر قفل الأبواب والنوافذ.. ويتأكد من ذلك مرات ومرات في الليلة الواحدة.. وينظر لمصادر الكهرباء أو الغاز أو غيرها.. ويعيد النظر عشرات المرات.. بشكل مزعج له ولمن معه وقد يكون الوسواس القهري مرتبط بالأفكار.. وربما كانت ذات طابع ديني أو فلسفي.. بحيث يتجاوز فيها كل حدود المعقول والمقبول إلى أفكار غريبة ومتناقضة أحياناً.. وربما شكك المريض بإيمانه ومعتقداته وأخلاقه.. وربما تجاوز ذلك بكثير!! وقد يصاب المريض نتيجة ذلك التناقض بين واقعه وسلوكه الاجتماعي المعتاد.. وبين تلك الأفكار والتصرفات الغريبة.. بالحزن والاكتئاب والألم والمعاناة!!
خامساً: تبدأ هذه الأفكار والوساوس القهرية - عادة - بشكل بطيء وخفي.. حتى تحتسب ضمن خصائص الشخصية.. ولذلك فقد لا يشعر المريض بأن لديه مشكلة أو مرض.. ومع الوقت تزداد.. وتشتد الأعراض.. ويدرك المريض بأنه يحتاج فعلاً إلى المساعدة.. وقد يدرك ذلك ولكنه يخفي هذا الأمر لفترة طويلة حتى يصل الأمر إلى درجة كبيرة لا تطاق.. فيطلب المساعدة في وقت تكون المشكلة قد تعقدت..!!
سادساً: أما عن أسباب هذا المرض أعاذنا الله جميعاً منه.. وشفا مرضانا ومرضى المسلمين.. .. فإنه لا يعلم سبب محدد لهذا المرض وإن كان يبدوا أن القلق يلعب دوراً رئيساً في ذلك.. وكذلك بعض الأزمات والصعوبات الحياتية.. وهناك بعض الدراسات التي ترجع الأمر إلى أسباب عضوية مختلفة إلا أن المتفق عليه أن للعوامل النفسية دوراً كبيراً في ذلك..
سابعا: لابد من التفريق هنا بين الوسواس القهري كمرض نفسي له علاجه السلوكي والدوائي المعروف.. وبين الوساوس الشيطانية التي قد تزول مع قراءة الأوراد والاستعاذة من الشيطان الرجيم، ومجاهدة النفس، حيث يخلط بينهما البعض..!!!
ثامنا: قد لا يفيد بشكل جذري في النوع الأول أن يطلب من المريض أن يعالج نفسه ويتمالك نفسه ويبعد هذه الأفكار عن مخيلته فقط.. رغم الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة كجزء أساسي من العلاج.. بالإضافة إلى العلاج السلوكي حيث يقوم الطبيب المعالج بالتعاون مع المريض في تحديد الأفكار والأفعال القهرية التي يعاني منها المصاب ثم يقوم الطبيب بوضع خطة العلاج.. حسب مقتضى الحال ومن الطرق المستخدمة في ذلك..