خوفي عليهم.. يقتلني!!

المجيب أحمد بن علي المقبل

مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب

التاريخ 6/11/1422

السؤال

منذ صغري.. ينتابني شعور مخيف بالخوف على الصغار والنساء والضعفاء بشكل عام. عندما أتأمل زوجتي أو طفلتي أتخيل لو أن أحداً من اللصوص أو المجرمين يذبحهما. أكاد أجن!! أتخيل طفلتي وهي تبكي إن تركتها في العراء تواجه مصيرها.. لا أخفيك أنا ممن يتحملون المصائب.. وقد مررت بأوقات عصيبة واختبارات كثيرة لشخصيتي.. مع أنني فيّ من القدرة على التخاصم قدر كبير.. لا أدري إن كنت قد استطعت أن أوصل هذه المشاعر المخيفة التي ربما تظهر على ملامح وجهي وتنعكس في استغراقي للحظات.. أجهل العالم من حولي تقريباً!

الجواب

أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:

أولاً: يا عزيزي لتعلم أن ما تعاني منه أمر مزعج جداً وخطير..!! وفي نفس الوقت يسهل العلاج منه - بعون الله وتوفيقه - أتدري لماذا..؟! لأنك أنت من يضع هذه الهواجس السلبية.. وأنت من يملك القدرة على إزالتها، واستبدالها بهواجس ومشاعر إيجابية!!

ثانياً: حياتنا النفسية من صنع أفكارنا.. هذه حقيقة واضحة ومجربة وصادقة 100%.. فالحوادث يا عزيزي لا تضيرنا، وإنما الذي يضيرنا هو موقفنا النفسي من تلك الحوادث، وتفسيرنا لها..!!

ثالثاً: هناك مثل يضرب في تقريب هذه الفكرة.. وهي قصة مسافرين على متن إحدى السفن السياحية في رحلة بحرية حول إحدى الجزر.. جلسا في مقصورة واحدة، وكل منهما ينظر إلى البحر.. أما أحدهما فكان طوال الساعات التي استغرقتها الرحلة يستمتع بمنظر البحر والطيور.. والأجواء الساحرة حوله، ويعيش معها في سعادة وهناء، ويحدث نفسه بتكرارها في مكان آخر.. وزمان آخر..! وأما المسافر الآخر، فكان ينظر إلى البحر.. ((ويتخيل)) أعماقه وآلاف الأسماك الشرسة فيه.. ثم ((يتخيل)) اصطدام السفينة بإحدى الصخور، والشعاب المرجانية، وتحطمها.. وغرقها و ((يتصور)) نفسه وهو يصارع الأمواج، وقد بُحّ صوته، وتلاشت قوته، وبدأ يغرق شيئاً فشيئاً.. وأمامه شريط سريع لأطفاله من بعده وهم يبكون.. ويتشردون بلا مأوى.. وقد قسا عليهم الزمان.. وتركهم القريب..!! ويشعر حيال هذه الخواطر بحزن عميق، ويبكي بصمت.. ثم ((يتخيل)) أسماك القرش وهي تنتهبه فيما بينها: فتقطعه إرباً، فيقشعر بدنه، وتتداعى إليه آلاف الصور..!!

وفجأة يعلن مسؤول الرحلة عن انتهائها ووصولهم إلى الهدف ويهنئهم بسلامة الوصول.. بعد هذه الرحلة الجميلة!! قارن بينهما - أخي الكريم - في نفس المكان ونفس الزمان ونفس الظرف تقريباً.. أحدهما قضى تلك الساعات بسعادة ونشوة والآخر.. قضاها تعيساً حزيناً.. محبطاً..!!! من المسؤول عن ذلك..؟!! المسؤول هو " التوجه الذهني " لكل منهما فالأول كان توجهه " إيجابياً " والآخر كان توجهه " سلبياً " فمن أيهما أنت يا ترى..؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015