ولقد أصيب جميع أمته به *** من كان مولوداً ومن لم يولد
والناس كلهم بما قد عالهم*** يرجو شفاعته بذاك المشهد
يا رب فاجمعنا معاً بنبينا *** في جنة تثني عيون الحسد
(3) إذا تذكرت ابنك وما آل إليه، اعلم بأنك إلى هذا المصير صائر، وإلى تلك النهاية تذهب، وقد صدق الله حيث يقول: "كل نفس ذائقة الموت" الآية [الأنبياء:35] نعم كل نفس ذائقة الموت لا فرق بين صغير وكبير، وعظيم وحقير، ورئيس ومرؤوس، فالكل ذاهب، وكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:
لا شيء مما ترى يبقى بشاشته *** يبقى الله ويود المال والولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه *** والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له *** والإنس والجن إليه من كل وافد يفد
حوض هناك مورود بلا كذب *** لا بد من ورده يوماً كما وردوا
(4) عليك دائماً أن تستشعر عظمة الصبر، وما أعده الله للصابرين من الجنة ونعيمها، وهذا مما يهون عليك كثيراً، واعلم أنه من كمال العبودية لله -جل وعلا- الرضا بالقضاء والصبر على البلاء والتسليم لكل ما يجري عليك من الله - جل وعلا- يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (إن للرب على العبد عبوديتان عبودية في الرخاء، وعبودية في الشدة، أما عبودية الرخاء فالشكر، وعبودية الشدة الصبر) ، اهـ.
والصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن التسخط، والجوارح عن فعل المحرم من لطم الخدود وشق الجيوب.
(5) عليك بقراءة سيرة السلف الصالح، وكيف كان حالهم إذا حلَّت بساحتهم المصائب، واعترتهم النكبات.