F أحمد هريدى.
رجب 1382 هجرية - 1 ديسمبر 1962 م
M 1 - الفقهاء متفقون على أن جناية الدابة لا تكون مضمونة على صاحبها إذا لم يكن معها ولم تكن له يد عليها.
2 - اتفقوا كذلك على أنه إذا كان السبب فى جناية الدابة شخصا آخر غير السائق أو القائد أو الراكب، كمن نخسها أو نفرها فجنت جناية فإن الضمان عليه دون الراكب والسائق والقائد.
3 - بوفاة الشخص الذى عقره الجمل بعد أن أثاره دون أن يكون صاحب الجمل موجودا لا ضمان شرعا على صاحب الجمل نظير جناية جمله
Q من السيد /.
بالطلب المتضمن أنه اشترى جملا فى أكتوبر واستمر عنده لغاية يوم 11/11/1962م ولم يحدث منه شئ إطلاقا، وفى يوم 11 المذكور دعاه أحد أهالى العزبة لنقل زراعة الأذرة، فذهب إلى الحقل وحمل الجمل أول حمل وأوصله للمكان المقصود أمام منزل صاحب الأذرة.
وعاد إلى الحقل وحمل الجمل الحمل الثانى وأراد الذهاب به، فطلب منه نجل صاحب الأذرة أن يسوق وراء الجمل فأبى، ولما ألح عليه وافقه على طلبه، وكان مقصده أن يسوق الجمل ذهابا وإيابا، لأن المشال بالعرق، وبعد وصوله أمام منزله قابله والده، وقاد الجمل وأرغمه على الصعود فوق الجمل الأول لوضع كل حملين فوق بعض فعصى الجمل وامتنع عن الصعود فجذبه من رسنه بقوته (والرسن من الصلب والحديد) ومن إرغام الجمل صعد على الحمل الأول، فبمجرد أن فرط الحمل عن الجمل وانحنى أمامه لتسليك السلب عقره الجمل من عنقه فقضى على الرجل بعد قليل، وقد حصل ذلك أمام جمع ممن شاهدوا الحادث، وأحيل الجمل إلى مقر البوليس وتوقع الكشف الطبى عليه فوجد سليما، وبعد دفن المتوفى حصل خلاف بين عائلة صاحب الجمل وعائلة المتوفى وتدخل الناس لحسم النزاع، فمنهم من قال تلزم صاحب الجمل دية الفقيد ومنهم من قال نصف دية ومنهم من قال لا يلزمه شئ.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذه الحادثة.
وهل تجب على صاحب الجمل دية المجنى عليه أم لا
صلى الله عليه وسلمn جاء فى الجزء العاشر من كتاب المغنى لابن قدامة الحنبلى صفحة 358 وما بعدها ما يأتى مسألة قال وما جنت الدابة بيدها ضمن راكبها ما أصابت من نفس أو جرح أو مال وكذلك إن قادها أو ساقها.
وهذا قول أبى حنيفة والشافعى. وقال مالك لا ضمان عليه لقول النبى صلى الله عليه وسلم العجماء جرحها جبار لأنه جناية بهيمة فلم يضمنها كما لو لم تكن يده عليها.
ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم الرجل جبار وتخصيص الرجل بكونه جبارا دليل على وجوب الضمان فى جناية غيرها ولأنه يمكنه حفظها عن الجناية إذا كان راكبها أو يده عليها بخلاف من لا يد له عليها.
وحديثه محمول على من لا يد له عليها. مسألة قال وما جنت برجلها فلا ضمان عليه.
وبهذا قال أبو حنيفة - وعن أحمد رواية أخرى أنه يضمنها لأنه من جناية بهيمة يده عليها فيضمنها كجناية يده - ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم الرجل جبار (الجبار الهدر) ولأنه لا يمكنه حفظ رجلها عن الجناية فلم يضمنها، كما لو لم تكن يده عليها - فأما إن كانت جنايتها بفعله مثل أن كبحها بلجامها أو ضربها فى وجهها ونحو ذلك ضمن جناية رجلها، لأنه السبب فى جنايتها فكان ضمانها عليه، ولو كان السبب فى جنايتها غيره مثل أن نخسها أو نفرها فالضمان على من فعل ذلك دون راكبها وسائقها وقائدها، لأن ذلك هو السبب فى جنايتها - وجاء فى كتب فقه الحنفية مثل هذا الحكم - وظاهر من النص المذكور أن الفقهاء متفقون على أن جناية الدابة لا تكون مضمونة على صاحبها فى حالة ما إذا لم يكن معها ولم تكن له يد عليها - فقد نظر الطرفان فى الحكم نفيا وإثباتا بحالة ما إذا لم تكن له يد عليها متخذين ذلك أساسا للحكم بعدم الضمان، وكذلك اتفق الجميع على أنه إذا كان السبب فى جناية الدابة شخصا آخر غير السائق أو القائد أو الراكب كمن نخسها أو نفرها ونشأ عن ذلك أن جنت جناية فإن الضمان يكون على هذا الغير المتسبب فى جنايتها، دون الراكب والسائق والقائد.
والحادثة موضوع السؤال تضمنت أن الجمل عادى لم يعرف عنه صاحبه العقر، وأن صاحب الجمل لم يكن معه حين جنى هذه الجناية وأن المجنى عليه قد جذب الجمل جذبا شديدا أحدث به ألما أثاره، وانتهز فرصة ميل المجنى عليه إلى الأرض لشد الحبل وتخليصه من تحت الأذرة وعقره بصورة أدت إلى وفاته فهو المتسبب فى الجناية فلو كان هناك ضمان لكان هذا الضمان عليه أما صاحب الجمل فلا ضمان عليه -، ولا يجب عليه شرعا أى شئ نظير جناية جمله على المجنى عليه لأنه لم تكن له يد على الجمل حين حدوث الجناية، ولأن الجناية وقعت بسبب من المجنى عليه.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال، والله أعلم