ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْعَجُوزِ أَيْ لَمْ تُرِدْهَا النَّفْسُ وَلَمْ تَطْلُبْهَا لِكِبَرِهَا (وَصِفَاحُهَا) أَيْ الْعَجُوزُ الَّتِي لَمْ تُرَدْ لِلْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ يَعْنِي مُصَافَحَتُهَا (وَخَلْوَتُهَا) أَيْ الْخَلْوَةُ بِهَا (اكْرَهْ) ذَلِكَ أَيْ اعْتَقِدْهُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا، لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَّزَ أَخْذَ يَدِ عَجُوزٍ وَفِي الرِّعَايَةِ وَشَوْهَاءَ.
وَإِنَّمَا كُرِهَتْ الْخَلْوَةُ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ مَطْلُوبَةٍ لِلنَّفْسِ وَلَا مُرَادَةٍ لَهَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَالْعَجُوزُ وَإِنْ كَبِرَتْ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا امْرَأَةً وَمَفْهُومُ نَظْمِهِ أَنَّ رُؤْيَةَ الشَّابَّةِ يَعْنِي غَيْرَ الْفَجْأَةِ وَمُصَافَحَتَهَا وَالْخَلْوَةَ بِهَا حَرَامٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي مُصَافَحَتِهَا هَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَحْرُمُ، وَالثَّانِي اخْتِيَارُ الشَّيْخِ، حَمْلَ رِوَايَةِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْعَجُوزِ وَرِوَايَةَ التَّحْرِيمِ عَلَى الشَّابَّةِ. .
(لَا) تُكْرَهُ (تَحِيَّتُهَا) أَيْ الْعَجُوزِ يَعْنِي سَلَامَهَا وَلَا السَّلَامَ عَلَيْهَا (اشْهَدْ) بِذَلِكَ أَوْ اعْلَمْ وَاعْتَقِدْ أَنَّ السَّلَامَ عَلَى الْعَجُوزِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا قَدَّمْنَا
مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ تَشْمِيتُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ
وَتَشْمِيتُهَا وَاكْرَهْ كِلَا الْخَصْلَتَيْنِ ... لِلشَّبَابِ مِنْ الصِّنْفَيْنِ بُعْدَى وَأَبْعَدِ
(وَ) كَذَا لَا يُكْرَهُ (تَشْمِيتُهَا) أَيْ الْعَجُوزِ إذَا عَطَسَتْ وَحَمِدَتْ اللَّهَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
وَحَيْثُ انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ خَلَفَتْهَا الْإِبَاحَةُ فَلَا يَجِبُ تَشْمِيتُهَا وَيَأْتِي (وَاكْرَهْ) أَيْ اعْتَقِدْ الْكَرَاهَةَ وَكُرِهَ (كِلَا الْخَصْلَتَيْنِ) يَعْنِي السَّلَامَ وَالتَّشْمِيتَ، وَكَلِمَةُ كِلَا وَكِلْتَا إذَا أُضِيفَتَا إلَى ظَاهِرٍ لَزِمَتْهُ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ، تَقُولُ جَاءَنِي كِلَا الرَّجُلَيْنِ، وَرَأَيْت كِلَا الرَّجُلَيْنِ.
وَنَظَرْت إلَى كِلَا الرَّجُلَيْنِ وَأَمَّا إذَا أُضِيفَتَا إلَى ضَمِيرٍ أُعْرِبَتَا إعْرَابَ الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ رَفْعًا وَبِالْيَاءِ نَصْبًا وَخَفْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لِلشَّبَابِ) جَمْعُ شَابٍّ وَهُوَ الْفَتَى، وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ لَيْسَ بِشَيْخٍ (مِنْ) كِلَا (الصِّنْفَيْنِ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ امْرَأَةٍ (بُعْدَى وَ) رَجُلٍ (أَبْعَدِ) أَيْ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ.
فَظَاهِرُ نِظَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّابَّ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ وَإِنْ عَجُوزًا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ فِي الْعَجُوزِ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَتَشْمِيتُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ الْعَجُوزَ الْبَرْزَةَ وَلَا يُشَمِّتُ الْأَجْنَبِيَّةَ الشَّابَّةَ وَلَا تُشَمِّتْهُ. وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَيُكْرَهُ