بِنَافِخٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَالْآنُكُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ النُّونِ هُوَ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُنَاجِي رَجُلًا فَدَخَلَ رَجُلٌ بَيْنَهُمَا فَضَرَبَ صَدْرَهُ وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَنَاجَى اثْنَانِ فَلَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا الثَّالِثُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» .
وَبِالْكَرَاهَةِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ. وَعِبَارَةُ الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمَاعُ إلَى كَلَامِ قَوْمٍ يَتَشَاوَرُونَ وَيَجِبُ حِفْظُ سِرِّ مَنْ يَلْتَفِتُ فِي حَدِيثِهِ حَذَرًا مِنْ إشَاعَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَوْدَعِ لِحَدِيثِهِ. انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى إفْشَاءِ السِّرِّ وَكِتْمَانِهِ فَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمُسْتَمِعُ لِحَدِيثِ مَنْ يَتَنَاجَوْنَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلصَّفْعِ وَقَدْ جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
مَطْلَبٌ: فِي النَّظْمِ الْجَامِعِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّونَ الصَّفْعَ:
قَدْ خُصَّ بِالصَّفْعِ فِي الدُّنْيَا ثَمَانِيَةٌ ... لَا لَوْمَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا صُفِعَا
الْمُسْتَخِفُّ بِسُلْطَانٍ لَهُ خَطَرٌ ... وَدَاخِلٌ فِي حَدِيثِ اثْنَيْنِ قَدْ جُمِعَا
وَآمِرٌ غَيْرَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ ... وَجَالِسٌ مَجْلِسًا عَنْ قَدْرِهِ ارْتَفَعَا
وَمُتْحِفٌ بِحَدِيثٍ غَيْرِ حَافِظِهِ ... وَدَاخِلٌ بَيْتَ تَطْفِيلٍ بِغَيْرِ دُعَا
وَقَارِئُ الْعِلْمِ مَعَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ ... وَطَالِبُ النَّصْرِ مِنْ أَعْدَائِهِ طَمَعَا
(وَأَنْ يَأْذَنَ) الْمُحَدِّثُ لِغَيْرِهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ (اُقْعُدْ) أَمْرُ إبَاحَةٍ مِنْ الْقُعُودِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَّةِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ أَوْ لَهُمْ، وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ «لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا الثَّالِثُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» وَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «وَمَنْ اسْتَمَعَ حَدِيثَ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ حَيَاءً لَمْ يَقْعُدْ عَمَلًا بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَرْأَى عَجُوزٍ لَمْ تُرَدْ وَصِفَاحُهَا ... وَخَلْوَتُهَا اكْرَهْ لَا تَحِيَّتَهَا اشْهَدْ
(وَمَرْأَى عَجُوزٍ) الْمُرَادُ رُؤْيَتُهَا وَالنَّظَرُ فِيهَا بِلَا شَهْوَةٍ، وَالْعَجُوزُ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْكَبِيرَةُ مِنْ النِّسَاءِ وَلَا تَقُلْ عَجُوزَةٌ أَوْ هِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَجَمْعُهَا عَجَائِزُ وَعُجُزٌ (لَمْ تُرَدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ