نُوَلِّيهَا الْمَلَامَةَ إنْ أُلِمْنَا ... إذَا مَا كَانَ مَغْثٌ أَوْ لِحَاءُ
وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا ... وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءٌ
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْغِيَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يَلْطِمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِجِلَادِ يَوْمٍ ... يُعِينُ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَجِبْرِيلُ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْت عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ أَنْ يَقَعَ الْبَلَاءُ
شَهِدْتُ بِهِ فَقُومُوا صَدِّقُوهُ ... فَقُلْتُمْ لَا نَقُومُ وَلَا نَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْت جُنْدًا ... هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَنَحْكُمُ بِالْقَوَافِي مَنْ هَجَانَا ... وَنَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدِّمَاءُ
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً فَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ
بِأَنَّ سُيُوفَنَا تَرَكَتْك عَبْدًا ... وَعَبْدُ الدَّارِ سَادَتُهَا الْإِمَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا وَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْت لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا فِدَاءُ
هَجَوْت مُبَارَكًا بَرًّا حَفِيًّا ... أَمِينَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءٌ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيهِ ... وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ
ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ مِنْ أَشْعَارِ الْفَتْحِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَهَا حَسَّانُ قَبْلَ يَوْمِ الْفَتْحِ وَقَالَ بَلَغَنِي عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ يَلْطِمْنَ الْخَيْلَ بِالْخُمُرِ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِي بَكْرٍ» . قُلْت بَلْ قَالَ هَذَا الشِّعْرَ حَسَّانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرَةِ،.
فَمَدْحُ الْخَمْرِ وَنَحْوُ الزِّنَا بِمَنْزِلَةِ الْهِجَاءِ، لِأَنَّهُ مَدْحُ مَا ذَمَّهُ اللَّهُ وَحَرَّمَهُ، وَلِهَذَا قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَضْلَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ حَرْثَانَ