وَقَالَ السَّخَاوِيُّ: وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَفَعَهُ: يَا بْنَ آدَمَ مَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا حَلَالُهَا حِسَابٌ، وَحَرَامُهَا عَذَابٌ، وَلَفْظُ الشُّعَبِ: وَحَرَامُهَا النَّارُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَمِمَّا يُرْوَى عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: يَا دُنْيَا غُرِّي غَيْرِي قَدْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَنْشَدَ:
دُنْيَا تُخَادِعُنِي كَأَنِّي ... لَسْت أَعْرِفُ مَالَهَا
مَدَّتْ إلَيَّ يَمِينَهَا ... فَرَدَدْتهَا وَشِمَالَهَا
ذَمَّ الْإِلَهُ حَرَامَهَا ... وَأَنَا اجْتَنَبْت حَلَالَهَا
وَعَرَفْتهَا غَدَّارَةً ... فَتَرَكْت جُمْلَتَهَا لَهَا
وَقَدْ ذَكَرْت لَك بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِي الْقَوْلِ الْعَلِيّ لِشَرْحِ أَثَرِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ بِقَوْلِهِ: حَقَدْت عَلَيْكُمْ حِينَ طَلَّقَنِي عَلِيٌّ.
وَقَالَ آخَرُ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَحْسَنَ:
عَتَبْت عَلَى الدُّنْيَا لِتَقْدِيمِ جَاهِلٍ ... وَتَأْخِيرِ ذِي فَضْلٍ فَقَالَتْ لَك الْعُذْرَا
بَنُو الْجَهْلِ أَبْنَائِي لِهَذَا رَفَعَتْهُمْ ... وَأَمَّا ذَوُو الْأَلْبَابِ مِنْ ضَرَّتِي الْأُخْرَى
وَقَالَ السَّيِّدُ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْعَبَّاسُ الْإِسْطَنْبُولِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
أَرَى الدَّهْرَ يُسْعِفُ جُهَّالَهُ ... وَأَوْفَرُ حَظٍّ بِهِ الْجَاهِلُ
وَأَنْظُرُ حَظِّي بِهِ نَاقِصًا ... أَيَحْسَبُنِي أَنَّنِي فَاضِلُ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِي:
قَدْ كُنْت أُعْجَبُ مِنْ مَالِي وَكَثْرَتِهِ ... وَكَيْفَ تَغْفُلُ عَنِّي حِرْفَةُ الْأَدَبِ
حَتَّى انْثَنَتْ وَهِيَ كَالْغَضْبَى تُلَاحِظُنِي ... شَزْرًا وَلَمْ تُبْقِ لِي شَيْئًا مِنْ النُّشَبِ
وَاسْتَيْقَنْت أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى خَطَأٍ ... فَاسْتَدْرَكَتْهُ وَأَفْضَتْ بِي إلَى الْحَرْبِ
الضَّبُّ وَالنُّونُ قَدْ يُرْجَى اجْتِمَاعُهُمَا ... وَلَيْسَ يُرْجَى اجْتِمَاعُ الْمَالِ وَالْأَدَبِ
وَقَالَ السَّيِّدُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: