ومن الميسور أن يذكر مع كل آية ما ورد في الصحاح من سبب نزولها، وما ورد من الأحاديث التي فيها تبيين لمجملها، وما ورد من الآثار في تفسيرها، وبهذا تكون المجموعة القانونية في القرآن ميسوراً الرجوع إليها عند الحاجة، وميسوراً مقارنة مواد الموضوع الواحد بعضها ببعض، وفهم كل مادة على ضوء سائر مواد موضوعها لأن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ومن الخطأ أن تفهم آية منه على أنها وحدة مستقلة.
الثالث: أن يكون على علم بالسنة كذلك، بأن يكون عليماً بالأحكام الشرعية التي وردت بها السنة بحيث يستطيع في كل باب من أبواب أعمال المكلفين أن يستحضر ما ورد في السنة من أحكام هذا الباب، ويعرف درجة سند هذه السنة من الصحة أو الضعف في الرواية. ولقد أدى العلماء للسنة النبوية خدمات جليلة، وعنوا بفحص أسانيدها ورواة كل حديث منها، حيى كفوا من جاء بعدهم مؤونة البحث في الأسانيد، وصار معروفاً في كل حديث أنه متواتر، أو مشهور، أو صحيح، أو حسن، أو ضعيف.
وكذلك عني العلماء بجمع أحاديث الأحكام، وترتيبها حسب أبواب الفقه وأعمال المكلفين، بحيث يتيسر للإنسان أن يرجع إلى ما ورد في السنة الصحيحة من أعمال البيع أو الطلاق أو الزواج أو العقوبات أو غيرها، ويستطيع أن يرجع إلى الآيات والأحاديث التي وردت في موضوع واحد من موضوعات الأحكام، وعلى ضوئها يفهم الحكم الشرعي. ومن خير الكتب التي يرجع إليها في هذا ((كتاب نيل الأوطار)) للإمام الشوكاني.
الرابع: أن يعرف وجوه القياس، وذلك بأن يعرف العلل والحكم التشريعية التي شرعت من أجلها الأحكام، ويعرف المسالك التي مهدها الشارع لمعرفة علل أحكامه، ويكون خبيراً بوقائع أحوال الناس ومعاملاتهم، حتى يعرف ما تتحقق فيه علة الحكم من الوقائع التي لا نص فيها، ويكون خبيراً أيضاً بمصالح الناس وعرفهم، وما يكون ذريعة إلى الخير والشر فيهم، حتى إذا ل