وجاء في المادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية أنه: ((إن لم يوجد نص صريح بالقانون يحكم بمقتضى قواعد العدل)) . فمادام في القانون نص صريح، فهو وحده الذي يقضي به.
الأهلية للاجتهاد:
بعد أن بينا ما فيه مجال للاجتهاد، وما ليس فيه مجال نبين من يكون أهلاً للاجتهاد.
يشترط لتحقيق الأهلية للاجتهاد شروط أربعة:
الأول: أن يكون الإنسان على علم باللغة العربية وطرق دلالة عباراتها ومفرداتها، وله ذوق في فهم أساليبها كسبه من الحذق في علومها وفنونها، وسعة الاطلاع على لآدابها وآثار فصاحتها من شعر ونثر غيرهما، لأن أول وجهة للمجتهد هي النصوص في القرآن والسنة وفهمها العربي الذي وردت هذه النصوص بلغته، وتطبيق القواعد الأصولية اللغوية في استفادة المعاني من العبارات والمفردات.
الثاني: أن يكون على علم بالقرآن، والمراد أن يكون عليماً بالأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن، وبالآيات التي نصت على هذه الأحكام، وبطرق استثمار هذه الأحكام من آياتها، بحيث إذا عرضت له واقعة كان ميسوراً له أن يستحضر كل ما ورد في موضوع هذه الواقعة من آيات الأحكام في القرآن، وما صح من أسباب نزول كل آية منها، وما ورد في تفسيرها وتأويلها من آثار، وعلى ضوء هذا يستنبط حكم الواقعة.
وآيات الأحكام في القرآن ليست كثيرة، وقد خصها بعض المفسرين بتفسير خاص. ومن الممكن أن تجمع الآيات المرتبطة بموضوع واحد بعضها مع بعض، بحيث يتيسر للإنسان أن يرجع في مجموعة واحدة إلى كل الآيات القرآنية التي تضمنت أحكاماً في الطلاق، وكل الآيات التي تضمنت أحكاماً في الزواج، وفي الإرث، وفي العقوبات، وفي المعاملات، وفي غير ذلك من أنواع أحكام القرآن.