من غير أن يثير العداوة والبغضاء، لأن قتل القاتل بصورة أفظع مما قد يؤدي على سفك الدماء وإلى نقيض المقصود من القصاص.
ولما حرم الزنا لحفظ العرض حرم الخلوة بالأجنبية سداً للذريعة.
ولما حرم الخمر حفظاً للعقل حرم القليل منه ولو لم يسكر.
وجعل كل ما لا يتم الواجب إلا به واجباً، وكل ما يؤدي إلى المحظور ومحظوراً، وحذر من كثير من المباحات وقيد كثيراً من المطلقات، وخصص كثيراً من المطلقات، وخصص كثير من العمومات سداً للذرائع. ولما شرع الزواج للتوالد والتناسل، اشترط الكفاءة بين الزوجين تكميلاً للوفاق وحسن المعاشرة، فالأحكام التي شرعها لحفظ الضروريات كملها بتشريع أحكام تحقق هذا المقصد على أكمل وجوهه.
وفي الحاجيات لما شرع أنواع المعاملات من بيوع وإيجارات وشركات ومضاربات، كملها بالنهي عن الغرر والجهالة وبيع المعدوم، وبيان ما يصح اقتران العقد به من شروط وما لا يصح، وغير ذلك مما يقصد به أن تكون المعاملات فيها سر حاجة الناس من غير أن تثير الخصومات والأحقاد.
وفي التحسينيات لما شرط ندب فيها عدة أشياء تكلمها، ولما ندب إلى التطوع جعل الشروع فيه موجباً له، حيى لا يعتاد المكلف إبطال عمله الذي شرع فيه قبل أن يتمه، ولما ندب إلى الإنفاق ندب أن يكون الإنفاق من طيب الكسب.
فمن حقق النظر في أحكام الشريعة الإسلامية، يتبين أن المقصود من كل حكم شرع فيها: حفظ ضروري للناس، أو حاجي لهم، أو تحسيني، أو مكمل لما يحفظ واحداً منها.
ترتيب الأحكام الشرعية بحسب المقصود منها:
مما قدمنا في بيان المراد من الضروري والحاجي والتحسيني يتبين أن الضروريات أهم هذه المقاصد لأنها على فقدها اختلال نظام الحياة، وشيوع الفوضى بين الناس وضياع مصالحهم. وتليها الحاجيات، لأنه يترتب على فقدها