وقوع الناس في الحرج والعسر، واحتمال المشقات التي قد تنوء بهم، وتليها التحسينيات، لأنه لا يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة ولا وقوع الناس في الحرج، ولكن يترتب على فقدها خروج الناس على مقتضى الكمال الإنساني والمروءة وما تستحسنه العقول السليمة.

وعلى هذا: فالأحكام الشرعية التي شرعت لحفظ الضروريات أهم الأحكام وأحقها بالمراعاة، وتليها الأحكام التي شرعت لتوفير الحاجيات، ثم الأحكام التي شرعت للتحسين والتجميل، وتعتبر الأحكام التي شرعت للتحسينيات كالمكملة التي شرعت للحاجيات. وتعتبر الأحكام التي شرعت للحاجيات كالمكملة للتي شرعت لحفظ الضروريات.

فلا يراعى حكم تحسيني إذا كان في مراعاته إخلال بحكم ضروري أو حاجي، لأن المكمل لا يراعى إذا كان في مراعاته 'خلال بما هو مكمل له، ولذا أبيح كشف العورة إذا اقتضى هذا علاج أو عملية جراحية، لأن ستر العورة تحسيني، والعلاج ضروري. وأبيح تناول النجس إذا كان دواء أو اضطر إليه، لأن الاحتراز عن النجاسات تحسيني، والمداواة ودفع الضروريات ضروري. وكذلك أبيح بيع المعدوم في السلم والاستصناع، واغتفرت الجهالة في المزرعة والمساقاة وبيع الغائب، لأن حاجة الناس قضت بأن تراعى هذه التحسينات.

ولا يراعى حكم حاجي إذا كان في مراعاته إخلال بحكم ضروري، ولهذا تجب الفرائض والواجبات على المكلفين الذين ليسوا في حال تبيح الرخصة وإن شق عليهم ما كلفوا به، وإذ كل تكليف فيه إلزام بما فيه كلفة ومشقة، فلو روعي أن لا تنال المكلف أية مشقة لأهملت عدة من الأحكام الضرورية من عبادات وعقوبات وغيرها، لن كل ما أمر به المكلف أو نهى عنه لحفظ الضروريات لا يخلو امتثاله من مشقة عليه، ولكن احتملت هذه المشقة في سبيل حفظ الضروريات للمكلفين.

وأما الأحكام الضرورية فتجب مراعاتها، ولا يجوز الإخلال بحكم منها إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015