المثلة والغدر، وقتل الأعزل، وإحراق ميت أو حي.
وفي أبواب الأخلاق وأمهات الفضائل، قرر الإسلام ما يهذب الفرد والمجتمع ويسير بالناس في أقوم السبل. وقد دل سبحانه على قصده هذا التحسين والتجميل بالعلل والحكم التي قرنها ببعض أحكامه، كقوله تعالى: {َلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة:6] ، وقول لرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله طيب لا قبل إلا طيبا)) .
فاستقراء الأحكام الشرعية والعلل والحكم الشرعية في مختلف الأبواب والوقائع ينتج أن الشارع الإسلامي ما قصد من تشريعه الأحكام إلا حفظ ضروريات الناس وحاجيتهم وتحسينياتهم، وهذه هي مصالحهم.
وقد أفاض الإمام أبو إسحاق الشاطبي في أول الجزء الثاني من كتاب ((الموافقات)) في إثبات هذا بما لا مزيد عليه، وبعد أن أتى بأمثلة عديدة من أحكام الشريعة وحكم تشريعها تدل على أن كل حكم شرعي، إنما قصد بتشريعه حفظ واحد من هذه الثلاثة التي تتكون منها مصالح الناس، قال ما نصه: ((إن الظواهر، والعمومات، والمطلقات، والمقيدات، والجزئيات الخاصة في أعيان مختلفة ووقائع مختلفة في كل باب من كل أبواب الفقه وكل نوع من أنواعه، ويؤخذ منها أن التشريع دائر حول حفظ هذه الثلاث التي هي أسس مصالح الناس)) .
وقد اقتضت حكمة الشارع الإسلامي وما أراده من حفظ هذه الأنواع الثلاثة على أتم وجه، أن شرع مع الأحكام التي تحفظ كل نوع منها أحكاماً تعتبر مكملة لها في تحقيق هذه المقاصد.
ففي الضروريات لما شرع إيجاب الصلاة لحفظ الدين، شرع أداءها جماعة وإعلانها بالأذان، لتكون إقامة الدين وحفظه أتم بإظهار شعائره والاجتماع عليها.
ولما أوجب القصاص لحفظ النفوس، شرع التماثل فيه ليؤدي إلى الغرض منه