أنّى ومن أين آبَك الطربُ ... من حيثُ لا صبوةٌ ولا رِيَبُ

فيجوز أن تكون بمعنى كيف، ويجوز أن تكون بمعنى أين، وكررت للتأكيد، ومنه اختلاف اللفظين. وأما قوله تعالى: (فاتوا حرثكم أنّى شئتم) [البقرة: 223] فقيل إنها بمعنى كيف شئتم. وقال بعضهم يحتمل أن أصلها "أينا" بألف كقوله: بمعشر ولوا أين أخينا ثم إنها قلبت الياء نونًا وأدغمت في النون بعدها فصارت أنّى.

وقال الرضي: لها ثلاثة معان، استفهامية كانت أو شرطية، أحدها: أين إلاّ إذا أتى مع الاستفهام، أي مع مِنْ في الاستعمال إما ظاهرة كقوله: من أين عشرون لنا من أنّى، أو مقدرة نحو: (أنّى لك هذا) أريد: من أنّى أي من أين. ولا يقال أنى زيد، بمعنى أين زيد، وإنما جاز إضمار مِنْ لأنها تدخل في أكثر الظروف التي لا تتصرف، أو يقل تصرفها نحو: من عند ومن بعد ومِنْ أين ومن قبله ومَنْ أمامه ومن لدنه، فصار مثل في، فجاز أن تضمر في الظروف إضمارها.

ويجيء "أنّى" بمعنى "كيف" نحو (أنّى تؤفكون) [الأنعام: 95، يونس: 34، فاطر: 3، غافر: 62]، ويجيء بمعنى متى، وقد أول قوله تعالى: (أنّى شئتم) على الأوجه الثلاثة. ويجيء بمعنى متى وكيف إلا وبعده فعل.

وقوله: (حتى إذا سويتك) قال ابن مالك: انفردت إذا بدخول حتى الجارة عليها، قال الأخفش في قوله تعالى: (حتّى إذا جاءوها) [الزمر: 71، 73] إنّ إذا جرّ بحتى. وقال أبو حيان في "الارتشاف": إذا دخلت حتى على إذا التي تقتضي جوابًا فأجاز الزمخشري أن تكون حرف ابتداء وأن تكون جارة لإذا. وقال محب الدين الغزولي في كتاب البديع: من زعم أن محل إذا جر فزعمه باطل، لأن إذا ظرف محض لا ينجر ألبتة. وقال ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015