قال الكمال ابن الأنباري في كتاب الإنصاف: ذهب الكوفيون إلى أنّ إنْ الشرطية تقع بمعنى إذْ، واستدلوا بهذا الحديث، أي إذْ شاء الله، لأنه لا يجوز الشك في اللحاق بهم.
ومنع البصريون ذلك وقالوا: الحديث جاء على طريق التأديب للعباد ليتأدبوا بذلك كما قال الله تعالى: (ولا تقولنَّ لشيءٍ إنّي فاعلٌ ذلك غدًا إلاّ أنْ يشاءَ الله" [الكهف: 23].
وقال البطليوسي في مسائله: تقع إذا مكان إنْ، وإنْ مكان إذا، لما بينهما من التداخل والمضارعة، والشيئان إذا تضارعا فقد يستعمل كل واحد منهما مكان الآخر، فمما استعملت فيه إذا مكان إنْ قول أوس بن حجر:
إذا أنتَ لم تعرضْ عن الجَهل والخنا ... أصبت حليمًا أو أصابك جاهلُ
وهذا من موضع إنْ، لأنه يمكن أن يعرض ويمكن أنه لا يعرض. ومما استعملت فيه إنْ مكان إذا قوله صلى الله عليه وسلم حين وقف على القبور: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إنْ شاء الله بكم لاحقون)، وقوله تعالى: (لتدْخُلُنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) [الفتح: 27] ونحوه قول الشاعر:
فإنْ لا يكنْ جسمي طويلاً فإنني ... له بالفِعال الصالحاتِ وَصولُ