هي المهراقة مبالغة ورفع ضميرها (تهراق). نصب (الدماء) على التشبيه بالمفعول به، وعلى جهة البيان، بحقيقة المهراق، ومثله قول جرير:
فلو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسُبَّ بذلك الجرو الكلابا
لما أضمر السب، وجعله المسبوب مبالغة واتساعًا في كثرة وقوع الفعل، وأخرج الكلاب على التفسير لبيان حقيقة المسبوب، نصب على التشبيه بالمفعول به.
وقال ابن الحاجب في أماليه: يجوز في (الدماء) الرفع والنصب. أما الرفع: فعلى البدل من الضمير في (تهراق) كأنه قيل: تهراق دماؤها. فجعل الفعل أولاً لها ثم أبدل، كما تقول: أعجبني الجارية وجهها، وحذف الضمير للعلم به. وأما النصب: فوجهه أن يكون بفعل مقدر كأنه لما قيل: تهراق، قيل: ما تهريق؟ فقال: تهريق الدماء، مثل لبيك، يريد في التقدير، وإن اختلفا في الإعراب. ومثله كثير في كلامهم. ويجوز أن يكون منصوبًا على التمييز وإن كان معرفة، كما ينتصب مثل قولك منه: مهراق الدماء، كقولك: زيدٌ حسن الوجهَ. ويجوز أن يكون منصوبًا على توهم التعدي إلى مفعول آخر، كأن المعنى: جعلها غيرها مهريق الدماء. انتهى.
وقال صاحب النهاية: قوله (تهراق) كذاجاء على ما لم يسم فاعله، أي: تهراق هي، و (الدم) منصوب على التمييز وإن كان معرفة، وله نظائر. أو يكون أجري مجرى: نُتج الفرس مهرًا، ونُفِست المرأة غلامًا. ويجوز رفع (الدم) على تقدير: تهراق دماؤها، وتكون الألف واللام بدلاً من الإضافة كقوله تعالى: (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) [البقرة: 237] أي نكاحها.