ثم أتى من بعده المهدى ... يتلوه موسى الهادى الصَفِىُّ
وجاء هارون الرشيد بعده ... ثم الأمين حين ذاق بُعْدَه
وقام بعد قتله المأمون ... وبعده المعتصم المسكين
واستخلِفَ الواثق بعد المعتصم ... ثم أخوه جعفر مُوفٍ كريم
وأخلص النية في التوكل ... لله ذي العرش القديم الأول
فأدحض الباطل في زمانه ... وقامت السنةُ في أوانه
ولم يُبَقِّ بدعة مضلّه ... وألبس المعتزلىّ ذلّه
فرحمة الله عليه أبدا ... ما غار نجم في السماء وبدا
وعندما استُشهْد قام المنتصر ... والمستعين بعده كما ذكر
وجاء بعد موته المعتز ... والمهتدي المكرمُ الأعز
وبعده استولى وقام المعتمد ... ومهّد الملك وساس المعتضد
والكتفى في صحف العلياء سطر ... وبعده ساس الأمور المقتدر
واستُوسِق الملك بعزّ القاهر ... وبعده الراضى أخو المفاخر
والمتقى من بعد والمستكفى ... ثم المطيع ما به من خلف
والطائع الطائع، ثم القادر ... القائم الزاهد وهو الشاكر
والمقتدى من بعده المستظهر ... ثم أتى المسترشِدُ الموقر
وبعده الراشد، ثم المقتفى ... وحين مات استنجدوا بيوسف
والمستضىء العادل في أفعاله ... الصادق المصدوق في أقواله
والنصار الشهم الشديد البأس ... ودام طول مكثه في الناس
ثم تلاه الظاهر الكريم ... وعدْلُه كلُّ به عليم
ولم تطل أيامُه في المملكة ... غير شهوٍر واعترضته الهلكة
وعهده كان إلى المستنصر ... العادل البر الكريم المغتفر
دام يسوس الناس سبع عشرة ... وأشهراً بعزمات بره
ثم توفى عام أربعينا ... وفى جُمادى صادف المنونا
وبايع الخلائق المستعصما ... صلى عليه ربنا وسلما
يبعث نجب الرسل في الآفاق ... يقضون بالبيعة والوفاق
وشرفوا بذكره المنابرا ... ونشروا من جوده المفاخرا
وسار في الآفاق حسن سيرته ... وعدله الزائد في رعيته
تمت الأرجوزة.
وقال ابن كثر رحمه الله: وقلت أنا بعد ذلك:
ثم ابتلاه الله بعد بالتتار ... أتباع جنكزالخان الجبار
صحبة ابن ابن له هُلاَكو ... فلم يكن من أسره فكاك
فمزقوا جنوده وشمله ... وقتلوه نفسه وأهله
ودمروا بغداد والبلادا ... وقتلوا الأجناد والأولادا
وانتبهوا المال مع الحريم ... ولم يخافوا سطوة العظيم
وغرهم إنظارُه وحلْمُه ... وما اقتضاه عَدْله وحكمه
فصل فيما وقع من الحوادث
استهلت هذه السنة، وليس للمسلمين خليفة، والفتن قائمة، وبنو جنكزخان قد أظهروا الفساد، وأهلكوا العباد، وأخرجوا البلاد.
وسلطان الديار المصرية: الملك المنصور نور الدين على بن الملك المعز أيبك التركمانى، ونائبه ومدبر مملكته الأمير سيف الدين قُطزُ.