لا يعجب الناشق من ريحه ... فإنه مسك وكافور

وقال وقد وقع بدمشق ثلج عظيم:

طمت الثلوج على الوهاد مع الربى ... فالكون يعجب منه وهو مفضفض

فانهض لتجمع شمل أنس مقبل ... بلذاذة فاليوم يوم أبيض

وكتب إلى الأمير علم الدين الدواداري:

يا من كفاني وحرب الدهر قائمة ... بنصرة شمتها من فضله الخدم

حللت من بابك العالي بذي سلم ... فليهني أنني من جيرة العلم

الشريث الكبير أبو نمي محمد بن الأمير أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني، صاحب مكة منذ أربعين سنة، توفي في هذه السنة وكان حليماً وقوراً ذا رأي وسياسة وعقل ومروّة، وخلف من الأولاد أحداً وعشرين ولداً ذكراً، ومن البنات عشرة.

وقال بيبرس: ويكنى أبا مهدي أيضاً، وساق نسبه، وهو محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

الأمير الكبير المجاهد المرابط علم الدين أرجواش بن عبد الله المنصوري، نائب قلعة دمشق.

كان ذا همة وشهامة وقصد صالح، قدّر الله على يديه حفظ معاقل الشام لما ملكت التتار أيام قازان، وكانت وفاته بقلعة دمشق ليلة السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة، وأخرج منها ضحوة يوم السبت، فصلي عليه، وحضر نائب السلطنة فمن دونه، ثم حمل إلى قاسيون ودفن في تربته.

وقال صاحب النزهة: ولم يخلف غير أربع بنات، ووجد له من تركته من الذهب خمسة عشر ألف دينار، ومن الفضة خمسين ألف درهم، وأوصى بعتق مماليكه وجواريه، وأوقف عليهم وقفاً، ووجد له في زرد خاناته ثمانمائة قوس حلقة ومائتا عدة كاملة.

وقال: حكى لي من كان خصيصاً بمنادمته، ولم يعرف أنه اجتمع بأحد غيره، أنه لحقه في بعض الأيام قولنج، فأحضر له طبيب يهودي، فوصف له حقنة ولم يجسر أحد يصف له صفة الحقنة غير ذلك النديم، فلما رآها قال: ما هذه؟ قال: هي الحقنة، فنهض وقعد، وأراد أن يشربها، فقال له الرجل: يا خوند هذا ما يشرب. فقال: وما يعمل به. فقال له كذا وكذا، فحين سمع ذلك تغيّر لونه، ثم توجه إلى اليهودي فقال: ويلك يا ملعون، أنا اشتراني الملك المنصور بعشرة آلاف درهم وما قدر أن يعيّر في دبري شيئاً، وأنت جئت في آخر عمري تحط في دبري عظماً، ثم أشار لمماليكه أن يسقوا اليهوديّ تلك الحقنة، فكتّفوه وأسقوه إياه، فلما شربها مات في اليوم الثاني.

الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله النجيبي الدوادار، والي البر بدمشق، وأحد الأمراء الطبلخانات بها.

مات بدمشق يوم الثلاثاء السادس عشر من ربيع الآخر منها، ودفن بسفح قاسيون، وكان مشكور السيرة، ولم تطل مدته.

قنجي بن أردنو بن دوشى خان بن جنكزخان صاحب غزنة وبامبان.

توفي في هذه السنة، واختلف بنو عمه وأولاده وهم: بيان، وكبلك، وطقتمر، وبغاتمر، ومنفطاي، وصاصي، وافترق بعضهم من بعض، وكان كبلك قد استقر في الملك بعد أبيه، وسار أخوه بيان إلى طقطا مستنجداً مستمداً على أخيه، فأمدّه وعضده، وسار كبلك إلى قيدو مستغيثاً ومستعيناً، فأعانه وأيّده، ثم التقى الجمعان واقتتل الأخوان، فكسر كبلك وأدركه أجله، فهلك، واستقر بيان أخوه في المملكة الغزنوية.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السنة الثانية بعد السبعمائة

استهلّت هذه السنة: والخليفة المستكفي بالله أمير المؤمنين بن الحاكم بأمر الله العباسي.

وسلطان البلاد: الملك الناصر محمد بن قلاون، ونائبه بمصر الأمير سيف الدين سلاّر، ونائب الشام الأمير جمال الدين أقوش الأفرم، ونائب حلب شمس الدين قراسنقر، وقضاة مصر والشام هم المتقدم ذكرهم.

وفيها: وصلت رسل من جهة قازان، ولم تعد معهم رسل السلطان، وقد ذكرنا أن السلطان جهز إليه الأمير حسام الدين أزدمر المجيري أحد الأمراء، والقاضي عماد الدين بن السكري من أعيان القضاة والكبراء.

وقال ابن كثير: ولم يعد رسل السلطان هؤلاء المذكورون إلاّ بعد هلاك قازان في أيام خربندا، وكان وصول رسل قازان يوم الأحد الثامن من محرم هذه السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015