وكان أكبر من أخيه الشيخ قطب الدين، وولد شرف الدين سنة إحدى وعشرين وستمائة، تفقه وسمع الكثير، وكان عابداً عالماً، كثير الخشوع، وكانت وفاته أنه دخل في الخامس من رمضان إلى خزانة الكتب التي بمسجد الحنابلة ببعلبك ليعزل كتبه من كتب الوقف وعنده خادمه الشجاع، فدخل عليه فقير اسمه مؤمن المصري، فضربه بعصى على رأسه ضربات، ثم أخرج سكيناً صغيراً فجرحه في رأسه، فاتقى بيده فجرحه في يده، فدخل عليه الناس، وأمسك وحمل إلى متولي البلد وضرب، فصار يظهر الاختلال ويتكلم بكلام غير منتظم، فحبس بعد الضرب الكثير.
وأما الشيخ فإنه حمل إلى داره، وأقبل على أصحابه وتحدث معهم على جاري عادته، وأتم صومه، فحصل له حمى واشتد مرضه، فلما كان يوم الجمعة الثاني عشر من رمضان مات، وصلي عليه بدمشق وغيرها صلاة الغائب.
وقال ابن كثير: ودفن بباب سطحا.
الصدر ضياء الدين أحمد بن الحسين، ابن شيخ السلامية.
والد القاضي قطب الدين موسى الذي تولى فيما بعد نظر الجيوش الإسلامية الشامية، وفي وقت المصرية أيضاً، وكانت وفاته يوم الثلاثاء العاشر من ذي القعدة، ودفن بقاسيون.
المعضد المعمر الشيخ الجليلي بقية السلف شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي بن إسماعيل بن أبي طالب الأبرقوهي الهمداني، ثم المصري.
ولد بأبرقوه من بلاد شيراز في رجب أو شعبان سنة خمس عشر وستمائة، وسمع الكثير من الحديث على المشايخ الكثيرين، وخرجت له مشيخات، وكان شيخاً حسناً متيقظاً، وكانت وفاته بمكة بعد خروج الحجيج بأربعة أيام، ودفن بالمعَلا، رحمه الله.
الإمام العالم الكامل الأوحد العلامة شمس الدين أبو الندى معد ابن الشيخ الإمام العلامة زين الدين أبي الفتح نصر الله بن رجب، المعروف بابن الصيقل الجزري.
مات بهرمز، وكان فقيهاً شافعياً، متفنناً بعلوم كثيرة، صنف المقامات الزينية خمسين مقامة على منوال الحريري.
الشيخ الإمام العالم الصالح الزاهد العابد مفتي المسلمين ركن الدين عبيد الله ابن محمد بن عبد العزيز السمرقندي الحنفي.
مات بالمدرسة الظاهرية بدمشق، وجد بالبركة بها ميتاً، ولم يعلم حاله، فغسل وكفَن، وصلَى عليه، ودفن بمقابر الصوفية، وكان كثير الصوم والصلاة والاجتهاد في العبادة، وكان ورده كل يوم مائة ركعة، فلما اتفق له ذلك مسك يحيى قيم دار الحديث الظاهرية وضرب، فاعترف بقتل الشيخ ركن الدين، فشنق على باب الظاهرية في عاشر ربيع الآخر.
الشيخ جمال الدين عثمان بن أحمد بن عثمان بن هبة الله بن أبي الحوافر، المتطبب بالقاهرة.
مولده سنة تسع وعشرين وستمائة، وكان رئيس الأطباء بالديار المصرية، وإليه تنسب الحمام التي بمصر عند الجامع الجديد، مات في هذه السنة.
شيخ الشيوخ فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ تاج الدين أبي بكر عبد الله ابن شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن علي بن محمد بن حموية الجويني.
مات في ربيع الأول بالشميساطية، ودفن بسفح قاسيون عند أخيه، وله من العمر خمسون سنة، وتولى عوضه في المشيخة قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة.
الخطيب علاء الدين علي بن الحسن بن عبد الله الشافعي، المعروف بابن الجابي، خطيب جامع جراح ظاهر باب الصغير.
مات في هذه السنة، وكان يقصد لسماع خطبته من حسن صوته، وكان مهووساً بعلم الكيمياء، وتولى مكانه الشيخ شرف الدين الفزاري.
الشيخ العالم الصدر وجيه الدين محمد بن عثمان بن أسعد بن النمجي الحنبلي.
مات بمدرسته دار القرآن بدمشق، ودفن بقاسيون، ومولده سنة ثلاثين وستمائة بدمشق.
الشيخ الصالح الزاهد العابد العارف القدوة عيسى بن الشيخ ثروان بن الشيخ محمد بن الشيخ الكبير ثروان التدمري البياني.
مات بدمشق، ودفن بباب الصغير جوار قبر الشيخ أبي البيان، وكان شيخ البيان، وكان له صيت وقبول تام وكلمة مسموعة، وكان عمره جاوز تسعين سنة.
الصدر الكبير الفاضل مجد الدين يوسف بن محمد بن علي الأنصاري، المعروف بابن القباقبي.
مات بالقاهرة، ودفن بتربة ابن عبد الظاهر، كان فاضلاً في صناعة الترسَل وحساب الديوان، ولَى كتابة الدرج بالفتوحات الطرابلسية.
وله نظم حسن، فمن ذلك قوله في زهر الباقلاء:
عطّر زهر الباقلا الرّبى ... فنشره في الروض منشور