قال ابن كثير: وقد جمعت فيه جزءاً مفرداً وذكرت فيه ما جرى أيام القاضي الماوردي وكبار أصحابنا في ذلك العصر.

ذكر بقية الحوادث

وفيها: عزل شمس الدين الأعسر عن الوزارة، وسفر إلى الشام لكشف القلاع، وقرر عوضه نائب الإسكندرية الأمير عز الدين أيبك البغدادي، وهو الرابع من الوزراء الأمراء الترك أرباب السيوف والأقلام: أولهم علم الدين سنجر الشجاعي، ثم الأمير بدر الدين بيدرا قبل النيابة، ثم شمس الدين الأعسر، وهذا عز الدين أيبك.

وفيها: في يوم الثلاثاء العاشر من ربيع الآخر: شُنق الشيخ علي الحوراني بواب الظاهرية على بابها، بسبب أنه اعترف بقتل الشيخ زين الدين السمرقندي.

وقال الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخه: وفي وسط ربيع الأول ورد كتاب من حماة يخبر فيه أنه وقع في هذه الأيام ببارين من عمل حماة برد كبار على صور حيوانات مختلفة، منها سباع وحيات وعقارب وطيور ومعز وبلشون، ورجال في أوساطهم حوائص، وأن ذلك ثبت بمحضر عند قاضي الناحية، ثم نقل ثبوته إلى قاضي حماة.

وفيها: نقل ناصر الدين محمد الشيخي من ولاية القاهرة إلى الخاص السلطاني بالجيزية، وبقي فيها إلى أن نقل إلى الوزارة.

وفيها: ولي الأمير سيف الدين أفجبا المنصوري نيابة غزة.

وفيها: في شوال، حصل بالشام جراد عظيم أكل الزروع والثمار، وجرد الأشجار حتى صارت كالعصي، ولم يعهد مثل هذا.

وقال ابن كثير: وفيها ولد كاتبه - يعني نفسه - إسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي البصراوي الشافعي.

وفيها: ظهر بالقاهرة إنسان سمى نفسه المهديّ وادعى أنه من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأنه ينذر بوقائع يعلم وقوعها، فاعتقل امتحاناً لنقله، فلم يصح شيء من قوله، وظهر أن به فساداً في عقله، فعزَر تأديباً له، ثم خلَى سبيله.

وفيها: كان خروج بكتمر الحسامي من وظيفة الأمير آخورية، بسبب غيظ الأمراء عليه، لأنه نقل عنه أنه يكثر الحديث مع السلطان ويذكر الأمراء عنده، وكان الأمراء قد اتفقوا أنهم لا يدعون أحداً يجتمع بالسلطان أو يتحدث معه، مع ما كان في نفوسهم منه من تكبره عليهم، فأخرجوه إلى الشام من غير إقطاع، وأقام مدة إلى أن توفي الأمير علاء الدين مغلطاي التقوى بدمشق وطالع نائب الشام بسببه، فرسم بإقطاع له، وتولى عوضه في الأمير آخورية علم الدين سنجر الصالحي.

وفيها: وصل كتاب نائب الشام يخبر بحضور القاضي علاء الدين بن القاضي شرف الدين بن القلانسي، وشرف الدين بن الأثير من عند قازان، وذلك أنهما كانا مع الوزير نجيب الدين وزير قازان، فإنه كان أخذهما رهينة إلى أن يحضر أخوه عبد اللطيف الذي كان معوقاً عند السلطان، والمذكوران قد تحيلا بحيل كثيرة حتى تخلصا، واختفى ابن القلانسي بتبريز، وتحيل وبذل مالاً إلى أن منَ الله عليهما بالخلاص.

ذكر تحرك طراي بن نوغيه

لطلب ثأر أبيه وأخويه

فشرع في التحيل لإدراك مطلبه، فلحق بصراي بغابن منكوتمر، وقد ذكرنا أن أخاه طقطا رتبه في مقام نوغيه، فتوصل طراي إليه ولازمه، فلما آنس منه الميل إليه فاتحه في أمر أخيه طقطا، وفاوضه في أنه أحق منه بالمملكة وأقدر على تدبير السلطنة، فاستغواه فمال معه، وانصاع إلى خداعه، وركب في تمانه وعبر على نهر إتل وهو جامد بفرسانه، وخطر بباله أن يستشير أخاه برلك ويستعينه، فنزل العسكر ناحية، وتوجه جريدة، فاجتمع ببرلك وشاوره في أمره، فأظهر له الموافقة لهواه، ثم بادر لوقته بإعلام طقطا بما هم به صراي بغا أخوه وطراي بن نوغيه من الوثوب عليه، فركب طقطا لوقته في خواصه وبطانته، وجهز إلى نحوهما من أحضرهما، فقتلا بين يديه وتفرق عسكرهما، وأرسل طقطا ولده إيل بصار إلى المكان الذي كان قد رتب صراي بغا، فاستقر به عوض أخيه.

وفيها هرب قراكسك بن جكا بن نوغيه، وهرب معه اثنان من أقاربه، وهما جركتمر ويلقطلو، وذلك أنه لما قتل طقطا أخاه صراي بغا وطراي بن نوغيه أرسل برلك في طلب قراكسك، فانهزم هو وهذان المذكوران وطرحتهم الجفلة إلى بلاد ششمن إلى مكان يسمى بدول بالقرب من كزل، ومعهم نحو من ثلاثة آلاف فارس، فأواهم ششمن وأصحابه، وأقاموا عندهم يغيرون على الأطراف ويأكلون بالأسياف.

قال بيبرس في تاريخه: إلى يومنا هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015