القاضي علاء الدين أحمد بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود بن بدر العلامي المعروف بابن بنت الأعزّ.

كان فصيح العبارة، جميل الصورة، لطيف المزاح، فيه مكارم أخلاق وإحسان، تولى الحسبة بالقاهرة والأحباس، ودرس بالمدرسة الكهارية والقطبية، وحج ودخل اليمن، وقدم دمشق متولياً نظر ديوان الأمير حسام الدين طرنطاي الخزندار المنصوري، ودرس بالظاهرية، والقيمرية، ولما تولى علم الدين الشجاعي نيابة السلطنة بدمشق باشر عنده مدة يسيرة، ثم أنه طلب منه دستوراً للسفر إلى مصر خوفاً منه، فأذن له فسافر، وأقام بالقاهرة إلى أن مات في ربيع الآخر منها.

وله نظم حسن، فمن ذلك قوله:

إن أومض البرق في ليل بذي سلم ... فإنه ثغر سلمى لاح في الظلم

وإن سرت نسمة في الكون عابقة ... فإنها نسمة من ربة الخيم

تنام عين التي اهوى وما علمت ... بأن عيني طول الليل لم تنم

إذا هدى الليل يطويني وينشرني ... شوق أبيت به في غاية الالم

وترسل الدمع أجفاني محاكية ... لفيض وبل من الوسمي منسجم

لله عيش مضى في سفح كاظمة ... قد مر حلواً مرور الطيف في الحلم

أيام لا نكد فيها نشاهده ... ولت بغير الرضى مني ولم تدم

وحكى الشيخ أثير الدين أبو حيان قال: استدعاني القاضي علاء الدين بن بنت الأعزّ يوماً لمأدبة صنعها لنا بالروضة تجاه مصر، وهو مكان يحفه الماء من جميع جوانبه، وحضر معنا القاضي فخر الدين بن صدر الدين المارداني، فرأينا شاباً مليحاً يسبح، ثم يخرج من الماء فيتلطخ بالتراب، فقال لنا القاضي علاء الدين: لينظم كل منا في هذا الشاب شيئاً، فقام كل منا إلى ناحية وانفرد، فنظمنا نظماً قريب الاتفاق، ولم يطلع أحد منا على ما نظم رفيقه، فكان الذي نظمه القاضي علاء الدين:

ومترب لولا التراب بجسمه ... لم تبصر الأبصار منه منظرا

فكأنه بدر عليه سحابةٌ ... والترب ليل من سناه أقمرا

والذي نظمه القاضي فخر الدين:

ومترب تربت يدا من حازه ... كقضيب تبر ضمخوه بعنبر

وكأن طرته ونور جبينه ... ليل أطلّ على صباح أنور

والذي نظمه الشيخ أثير الدين رحمه الله:

ومترب قد ظن أن جماله ... سيصونه منّا بترب أعفر

فغدا يضمخه فزاد ملاحةٌ ... أو قد حوى ليلاً بصبح أنور

وكأنما الجسم الصقيل وتربه ... كافورة لطخت بمسك أذفر

وقال الشيخ أثير الدين: وحضرنا معه مرة أخرى بالروضة، ومعنا شهاب الدين العزازي، فأنشدنا لنفسه:

تعطلت فابيضت دواتي لحزنها ... ومذ قلّ مالي قلّ منها مدادها

وللناس مسودّ الثياب حدادهم ... ولكن مبيض الدواة حدادها

ولعلاء الدين دو بيت:

للسمر معان لا ترى في البيض ... تالله لقد نصحت في تحريضي

ما الشهد إذا طعمته كاللبن ... يكفي فطنا محاسن التعريض

وله:

وقالوا بالعذار تسل عنه ... وما انا عن غزال الحسن سال

وإن أبدت لنا خداه مسكاً ... فإن المسك بعض دم الغزال

وله في دمشق:

إني أدل على دمشق وطيبها ... من حسن وصفي بالدليل القاطع

جمعت جميع محاسن في غيرها ... والفرق بينهما بنفس الجامع

وقال في حماة:

حماة غزالة البلدان أضحت لها ... من نهرها العاصي عيون

وقلعتها لها جيد بديع ... ومن سود التلول لها قرون

مات علاء الدين في هذه السنة بالقاهرة كما ذكرناه.

الشيخ الإمام الحافظ الزاهد البارع الورع بقية السلف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرج بن أحمد بن محمد اللخمي الإشبيلي.

مات داخل دمشق بسكنه بتربة أم الصالح، وصلّي عليه في الجامع، ودفن بمقابر الصوفية.

وله نظم حسن، فمن ذلك قوله:

غرامي صحيح والرّجا فيك معضل ... وحزني ودمعي مرسل ومسلسل

وصبري عنكم يشهد القلب أنه ... ضعيف ومتروك وذلّي أجمل

ولا حسن إلا سماع حديثكم ... مشافهة تملي علّي فأنقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015