وكان الأمير سيف الدين قفجاق عند خروجه من دمشق متوجها إلى حمص أقام بها عوضا عنه الأمير سيف الدين صاغان متحدثا في النيابة، فلما اتفق مقتل المنصور لاجين على ما نذكره إن شاء الله وثب عليه قرا أرسلان أحد أمراء دمشق ومسكه وسجنه، وأرسل سيف الدين بلغان بن كيجك الخوارزمي وراء قفجاق ليعلمه الخبر ويستدعيه ليعود إلى دمشق، فجاءه وهو قريب الفرات وأعلمه الحال فلم يصدق المقال، وخاف أن تكون حيلة معمولة فلم يرجع، وسار على ما هو عليه فيمن انضم إليه وساروا مجدين، فعبروا الفرات وقصدوا بلد التتار، وأنشدوا بلسان الاضطرار:

إذا ما خفت في أرض فدعها ... وحث اليعملات على وجاها

ونفسك فزنها إن خفت ضيما ... وخل الدار تنعى من بناها

فإنك واجد أرضا بأرضٍ ... ونفسك لم تجد نفسا سواها

وكان الذين تظافروا على المسير واتفقوا على هذا التدبير: الأمير سيف الدين قفجاق، والأمير سيف الدين بكتمر السلحدار، والأمير سيف الدين إلبكى الساقي، والأمير سيف الدين بوزلار، والأمير سيف الدين عزاز، الصالحي، فلحقوا بقازان وأقاموا عنده إلى أن كان منهم ما كان.

ولما استقر بهم القرار تزوجوا بنسوان من التتار، فتزوج سيف الدين قفجاق بامرأة من الأكابر، وهي أخت بلغان خاتون زوجة قازان، وأقاموا جميعا إلى أن حضر قازان إلى الشام لقصد بلاد الإسلام، فحضروا معه، ثم فارقوه واستقروا بالديار المصرية على ما سنذكره إن شاء الله.

وأما بقية الأمراء الذين كانوا في ذلك التجريد، فمنهم من مرض وقضى، ومنهم من عاد متمرضا. وقال الناس: إنهم اغتيلوا هنالك، والله أعلم بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015