مات في هذه السنة، ودفن بمقبرة الباب الصغير في الثامن عشر من جمادى الأولى منها، وكان قد ولى النظر على جامع دمشق في وزارة أخيه شمس الدين، وكان مشكور السيرة في نظره، سمع من عثمان بن عوف، وابن عبد الدائم.

الشيخ الصالح الزاهد العابد الخاشع الناسك نجم الدين أبو علي الحسن، المعروف بالشاورت الدمشقي.

كان في مبدأ أمره كاتبا، ثم ترك ذلك وتزهد، وكانت له كرامات ومكاشفات وأشياء من علم الحرف وغيرها.

الشيخ الفاضل شرف الدين أبو السماح عبد الكريم بن محمد بن محمد بن نصر الله الحموي المعروف بابن المغيزل، وكيل بيت المال بحماة.

مات بها يوم السبت الرابع عشر من المحرم، ومولده في سنة ست عشرة وستمائة بحماة، سمع ببغداد الكاشغرى، وابن الخازن.

الأمير حسام الدين كوسا الحاجب.

كان من الأجواد الأخيار، توفى في هذه السنة.

الأمير عز الدين أزدمر العلائي، أخو الأمير علاء الدين الحاج طيبرس الوزيري.

توفى في هذه السنة، كان من الأمراء الأعيان، والشجعان المشهورين.

الخاتون الجليلة نسب خاتون بنت الملك الجواد مظفر الدين يونس بن شمس الدين ممدود بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب.

ماتت بدمشق، ودفنت عند والدها بقاسيون، سمعت إبراهيم بن خليل، وخطيب مردا، وابن عبد الدائم، وحدثت، وكانت صالحة خيرة.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السنة السابعة والتسعين بعد الستمائة

استهلت، والخليفة: الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي.

وسلطان البلاد: الملك المنصور لاجين السلحدار المنصوري، ونائبه بمصر: منكوتمر، وبدمشق: سيف الدين قبجق، وبحلب: الأمير سيف الدين بلبان الطباخي.

وقاضي القضاة الشافعية بالديار المصرية: الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد.

وقاضي القضاة الحنفية: حسام الدين الرازي، ثم ولى ابنه جلال الدين مكانه بدمشق في عاشر صفر وركب بالخلعة والطرحة، وهنأه الناس.

وقاضي المالكية بدمشق: جمال الدين الزواوى.

وقاضي الحنابلة: تقي الدين سليمان بن حمزة بن الشيخ أبي عمر المقدسي.

وخطيب الجامع الأموي: بدر الدين بن جماعة.

ثم طلب حسام الدين الرازي إلى مصر، فأقام عند السلطان لاجين وولاه قضاء القضاة الحنفية بمصر، عوضا عن شمس الدين السروجي، واستقر ولده جلال الدين بالقضاء في الشام، ودرس بمدرستي أبيه الخاتونية والمقدمية، وترك مدرستيه القصاعية والشبلية.

وفيها: اتفق للشيخ تقي الدين قاضي القضاة مع منكوتمر نائب السلطان كلام أوجب أنه عزل نفسه من القضاء، والسبب لذلك أن تاجرا توفى وادعى رجل أنه أخوه، فأرسل منكوتمر إليه وعرفه أن المتوفى أخو هذا الرجل، ولم يخلف غيره، ولا وارث غيره، ولم يسمع منه الشيخ تقي الدين، فغضب بسبب ذلك منكوتمر، فدخل بينهما الأمير سيف الدين كرت الحاجب فقال لمنكوتمر: إن هذا الرجل كبير القدر ورجل صالح ولا ينبغي أن نسمع عن مولانا نائب السلطان إلا خيرا وأنا أذهب إليه ونرجو من الله أن ينقضى الشغل، فذهب إليه وهو جالس في محكمته وسلم عليه ووقف، فنظر إليه الشيخ ورد سلامه، وقام له نصف القيام، وأشار إليه بالجلوس فجلس، ثم قال: يا سيدي ولدك يسلم عليك ويقبل يدك فقال: وأي الأولاد فقال: الأمير سيف الدين منكوتمر، فشرع الشيخ يقول: منكوتمر، منكوتمر، ويكررها، ثم قال: ما مقصوده؟ فعرفه القضية مع تلطف وترقق. فقال في جوابه: إش يبنى على شهادته لهذا الرجل. فقال له: يا سيدي ما هو عندكم عدل. فقال: سبحان الله، وتمثل بقول الشاعر:

يقولون هذا عندنا غير جائز ... ومن أنتم حتى يكون لكم عند

وشرع يكررها ثلاث مرات، وفي الآخر قال: والله متى ما لم تقم عندي بينة شرعية ما حكمت بشيء، قم بسم الله، فنهض الحاجب من عنده وخرج.

قال صاحب النزهة: وكنت أنا ووالدي مع الحاجب المذكور في ذلك الوقت. فقال لوالدي وهو خارج من عند القاضي: والله هذا هو الإسلام، ولما اجتمع بمنكوتمر تلطف معه وقال له: هذا الشغل ما ينقضى إلا إذا طلع القاضي إلى دار العدل واجتمع به مولانا النائب، فلعله إذا رأى الأمير يستحي منه، فسكن من غيظه بعض شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015