وفيها بلغ النيل إلى خمسة عشر ذراعا ونصف ذراع ولم يبلغ الوفاء، وخشى عاقبته إن أسرع بنزوله، وذكر أنه كسر من غير وفاء، ثم مسك من النقص إلى أن بلغ الله به النفع.

وفيها حج بالناس من الديار المصرية الأمير سيف الدين كرتيه المنصوري، وحج بالناس من الشام الأمير عز الدين كرجى.

ذكر من توفي فيها من الأعيان

قاضي القضاة الحنابلة هو عز الدين عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي الحنبلي.

سمع الحديث، وبرع في المذهب، وحكم بديار مصر، وكان مشكور السيرة، توفى في صفر، ودفن بسفح المقطم، وحكم بعده شرف الدين عبد الغني ابن يحيى بن محمد بن عبد الله بن نصر الحراني.

الشيخ الصالح المقرئ جمال الدين عبد الواحد بن كثير بن ضرغام المصري، ثم الدمشقي، نقيب السبع الكبير والغزالية.

وكان قد قرأ على السخاوى، وسمع الحديث، وتوفى في أواخر رجب، ودفن بالقرب من قبة السيخ رسلان، رحمه الله.

الصدر الكبير شرف الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن جعفر البغدادي السامري.

واقف السامرية التي إلى جانب الكروسية بدمشق، وكانت داره التي سكن ودفن بها، ووقفها دار حديث وخانقاة، وكانت وفاته يوم الاثنين الثامن عشر من شعبان، وكان كثير الأموال، حسن الأخلاق، معظما عند الدول، له أشعار رائقة، ومبتكرات فائقة، وكان ببغداد له حظوة عظيمة عند الوزير ابن العلقمى، وامتدح الخليفة المستعصم بالله وخلع عليه خلعة سوداء سنية، ولما أخذت التتار بغداد قدم إلى دمشق، فحظى عند صاحبها الملك الناصر، وصارت له عنده أعلى مكانة، فحسده أرباب الدولة، فشرعوا ينقبون عليه وعلى وجيه الدين بن سويد، فعمل الأرجوزة وذكر فيها جميع ... ... وادي دمشق وأخضرها ... ... على الملك الناصر، وأولها:

يا سائق العيس إلى الشام ... وقاطع الوهاد والآكام

مدرعا مطارف الظلام ... كبارق يلمع في غمام

وقيت حوادث الأيام

فلما سمعها الملك الناصر صادرهم جميعهم، وحصل للناصر بسببها مال عظيم.

ومن شعره:

أترى وميض البارق الخفاق ... قائدي إلى أهل الحمى العراقي

ولعل أنفاس النسيم إذا سرى ... يحكى لوعة مغرم مشتاق

أحبابنا ما آن بعد فراقكم ... أن يتهنى محبكم بتلاق

بنتم فضنت بالرقاد نواظري ... أسفا وجادت بالدموع مآقي

أجريت من جفني على أطلالكم ... دمعا غدا وقفا على الاطلاق

أتراكم ترعون حيا رعتم ... أدواؤه بقطيعة وفراق

بين الدموع وحر نار أضالعي ... عذبت بالاحراق والاغراق

بالله يا ريح الشمال تحملي ... مني سلام الواله المشتاق

وإذا مررت على الديار فبلغي ... أهل الكئيب بكل ما أنا لاق

فهناك لي رشأ أعن مهفهف ... يصمى القلوب بأسهم ورقاق

فإذا انثنى فضح القنا وإذا رنا ... سفكت لواحظه دم العشاق

ويزين غصن القد منه ذؤابة ... وكذا الغصون تزان بالأوراق

أأبيت ملسوعا بعقرب صدغه ... ويضن من فيه بالدرياق

يا من أحل دمي وحرم وصله ... ووفيت لما خان في الميثاق

صل أو فصد فلست أخشى حادثا ... والصدر نجم الدين حي باق

الصاحب الصدر الذي أقلامه ... يجرين بالآجال والأرزاق

وكان الصاحب بهاء الدين بن حنا قد صادره وأخذ منه ثلاثين ألف دينار في دولة الظاهر، وصادره الشجاعي في دولة المنصور وأخذ منه مائتى ألف درهم، وبقى عليه ديون كثيرة، وطباعه كما هي ما تغيرت، ولا غير ملبوسه ولا ترك هزله ومجونه وهدايا إلى نواب السلطنة وأعيان الدولة وإيثاره للفقراء، وآخر ما بقى له قاعة جعلها خانقاة وتربة كما ذكرنا، ووقف عليها مزرعة بالشاغور وبقايا من أملاكه، ولما مات مملوكه أقوش كانت له حصص في مواضع وقفها أيضا على خانقاته.

العدل الرئيس نفيس الدين أبو الفدا إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن علي بن صدقة الحراني، ثم الدمشقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015