تاه على عشاقه واستطال ... مذ قصر الحسن عليه وطال

كل سماء وجهه أشرقت ... فليت ما أشرقت للزوال

قد فصل الشعر على خده ... ثوب حدادٍ حين مات الجمال

وقال، وكتب به إلى الصاحب بهاء الدين بن حنا:

يمم علياًّ فهو بحر الندى ... وناده في المضلع المعضل

يسرع إذا سيل نداه وهل ... أسرع من سيل أتى من عل

فرفده مجدٍ على مجدب ... ورفده مفض على مفضل

وقال:

بحبك في شرع الغرام يدين ... محبٌّ برته لوعةٌ وحنين

إذا كتم الأسرار منه فؤاده ... فإن لسان الدمع منه مبين

وإن قابلته نسمةٌ حاجريةٌ ... ثنى عطفه نوحٌ لها وأنين

فليتك يا من علم الغصن ينثنى ... تعلم منك القلب كيف يلين

وليت قديما من هواك مجدد ... رضاك لتقضى من جفاك ديون

سكنت سواد القلب والطرف دائما ... فما لبياض العيش فيك سكون

وألبسك الإحسان والحسن عزة ... فكل عزيز في هواك يهون

الشيخ الإمام العالم مجد الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر الطبري، إمام صخرة بيت المقدس، وشيخ الحرم الشريف.

مات في هذه السنة، ودفن بمقبرة ماملا ظاهر القدس، كان من الصلحاء الأخيار، وروى عن جماعة.

وله شعر فمنه:

يروق لي منظر البيت العتيق إذا بدا ... لطرفي في الإشراق والطفل

كأن حلته السوداء قد نسجت ... من حبة القلب أو من أسود المقل

أبو المكارم محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حوارى، المغربي الأصل، الدمشقي الحنفي، المعروف بابن شقير، الأديب الشاعر.

مولده في سنة ست وستمائة، وهو من شعراء الملك الناصر صاحب حلب، سمع الزبيدي وابن اللتى والهمداني وابن رواحة والسخاوى والقطيعى وابن رواحٍ وجماعةً أخرى بديار مصر، وعنى بالحديث عناية كثيرة، وكتب الكثير، وتعب وحصل، وروى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن العطار وآخرون، توفى في هذه السنة ووقف أجزائه بالضيائية.

وله في الملك الناصر صاحب حلب مدائح كثيرة، ومن شعره قوله:

ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولى ... لو كان في حكمه يقضى على ولى

وما عليه وقد صرنا رعيته ... لو أنه مغمدٌ عنا ظبي المقل

يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي ... إلا بفتوى فتور الأعين النجل

ويا غريم الأسى الخصم الألد هوى ... رفقا على فجسمي في هواك بلى

أخذت قلبي رهناً يوم كاظمةٍ ... على بقايا دعاوٍ للهوى قبلي

ورمت مني كفيلا للهوى عبثاً ... وأنت تعلم أني بالغرام ملى

وقد قضى حاكم التبريح مجتهداً ... على بالوجد حتى ينقضى أجلى

لذا قذفت شهود الشرع فيك عسى ... أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي

لا تسطون بعسال القوام على ... ضعفي فما أفتى إلا من الأسل

هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى ... أنا الغريق فما خوفي من البلل

وله:

واحيرة القمرين منه إذا بدا ... وإذا انثنى يا خجلة الأغصان

كتب الجمال ويا له من كاتبٍ ... سطرين في خديه بالريحان

القاضي الصاحب فتح الدين أبو عبد الله محمد بن القاضي محيي الدين عبد الله ابن عبد الظاهر بن نشوان.

صاحب ديوان الإنشاء الشريف، وكاتب الأسرار في الدولة المنصورية بعد ابن لقمان حين تولى الوزارة، وكان ماهرا في هذه الصناعة، وحظى عند المنصور، وكذا عند ابنه الأشرف.

توفى يوم السبت النصف من رمضان بمدينة دمشق، وخلف من الأولاد القاضي علاء الدين علي، فأجرى السلطان عليه ما كان باسم والده من الجامكية والجراية والراتب، فاستقر بديوان الإنشاء وله من العمر دون عشرين سنة، فاستصغر السلطان سنه في ذلك الأوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015