أبو القاسم علي بن بلبان بن عبد الله الناصري، المحدّث، المفيد الماهر.

توفي يوم الخميس مستهل رمضان.

الشيخ العارف شرف الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ عثمان على الرومي.

توفي فيها، ودفن بترتيتهم بسفح قاسيون، ومن عندهم خرج الشيخ جمال الدين السّاوجي وخلق ودخل في زيّ الجو القيّة وصار شيخهم ومقدّمهم.

الأمير مجير الدين محمد بن يعقوب بن علي الأسعردي، المعروف بابن تميم الحمويّ الشاعر صاحب الديوان في الشعر.

فمن شعره قوله:

عاينت ورد الروض يلطم خده ... ويقول وهو على البنفسج محنق

لا تقربوه إن تضوّع نشره ... ما بينكم فهو العدوّ الأزرق

الأمير الكبير علاء الدين أيدكين البندقدار الصالحيّ، أستاذ الملك الظاهر بيبرس.

كان من خيار الأمراء، وقد كان الملك الصالح نجم الدين أيوب غضب عليه وصادره، وأخذ منه مملوكه بيبرس، وأضافه إليه لشهامته ونهضته، فتقدّم عنده على خشداشيته، وتوفي أيدكين المذكور في ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن بتربيته بالشارع الأعظم قبالة حمام الفارقاني بظاهر القاهرة.

السلطان يعقوب بن يوسف المريني.

مرض وهو نازل على حصن الجزيرة بأطراف الأندلس، فاتفقت وفاته في شهر المحرم هناك، وكان في صحبته ولده أجليد، فحمله إلى سلا ودفنه بها، وكان له من الأولاد يوسف، وأبو سالم، وعلى، ومحمد أجليد، ومنديل، وجلس ابنه يوسف مكان أبيه، وكان مقيما بفاس، فركب وسار إلى الأندلس في البحر لأجل جيش أبيه وخزائنه، فتلقاه أصحابه وأقاربه وبايعوه، وحضر إليه محمد بن الأحمر معزّيا بأبيه، فتلّقاه بالإكرام، وأعاد إليه أكثر البلاد التي استولى أبوه عليها، وعاد أبو يعقوب إلى بلاده، وأغلظ على إخوته وأقاربه، وكان شديد الوطأة عليهم، فقتل منهم جماعة من جملتهم أخوه محمد أجليد، وأخوه منديل، وأظهر الشدة والغلظة والحزم والعزم.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السنة الخامسة والثمانين بعد الستمائة

استهلت هذه السنة، والخليفة هو الحاكم بأمر الله العباسيّ.

والسلطان في البلاد المصرية والشاميّة الملك المنصور قلاون الألفيّ، وجرّد عسكرا كثيفا صحبة الأمير حسام الدين طرنطاي إلى الكرك وأمره بمنازلتها، فتوجّه إليها، ونزل عليها، وأحضر آلات الحصار من البلاد الشامية والحصون الإسلاميّة، وشرع في مضايقتها، وقطع الميرة عنها من سائر الجهات، وأظهر الجدّ والإجتهاد، وجرّد صوارم العزم من الأغماد، وخلط الترهيب بنوع من الترغيب، فاستدعي بعض رجالها، وخاطبهم بلسان الإحسان، وطّيب قلوبهم، فتسلّل أكثر الرجال إليه، فلما رأى الملك المسعود جمال الدين خضر وأخوه بدر الدين سلامش أنه قد أسلمها رهطهما، وبقيا وحدهما مع انقطاع الميرة منهما.

بذلا الطاعة وجنحا إلى الإذهان، وسألا خاتم الأمان من عند السلطان، فضمن الأمير حسام الدين عنه الإحسان والأمان والإيمان، فقالا: لا غنى لنا عن حضور خاتمه لنسكن إليه، ونعتمد عليه، فبادر بمطالعة الأبواب الشريفة السلطانية صحبة البريديّة بحصول المقصود، والإذعان إلى الوفود، فإنّ الأمر بقي متوفقا على مجئ أحد من خاصّة السلطان بخاتم الأمان.

قال بيبرس في تاريخه: فند بني السلطان إليهم، ومعي أمانه الشريف، فسرت على البريد إلى الكرك، فاجتمعت بالأمير حسام الدين، فأعلمهمها بحضوري، فدخلت إليهما بالأمان، وأبلغتهما رسالة السلطان بمواعيد الإحسان، فطابت قلوبهما، وانشرحت صدورهما، واطمأنّت خواطرهما، ونزلا من الكرك إلى الأمير حسام الدين، فتلقّاهما بالإجلال والإعظام، وركب صبيحة ذلك اليوم إلى الصيد وركبا معه معا، وتصيّدنا يومنا ذلك، وعدنا إلى الوطاق، ورتّب الأمير حسام الدين الأمير عزّ الدين أيبك الموصلي المنصوري في نيابة السلطنة بالكرك، فإنه كان نائبا في الشوبك منذ تسلّمها السلطان، وحضر إلى الأمير حسام الدين عند نزوله على الكرك، ووقف بين يديه إلى أن سلمت إليه، فرتبه فيها ورتب في ولاية القلعة الأمير بدر الدين بكتوب العلائى، وفي ولاية المدينة الأمير عز الدين أبيك النجمى، وكان السلطان قد عينهما، خلع المشار إليه عليهم، وعلى رجال القلعة، ومقدمى المدينة، وأمراء العربان، ورتب أحوالها، ورحل عائدا إلى الديار المصريّة، وولدا الملك الظاهر صحبته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015