أول من ولى قضاء الحنابلة بدمشق، ثم تركه وولى ابنه نجم الدين القضاء وتدريس الأشرفيّة بالجبل، وقد سمع الحديث الكثير، وكان من علماء المسلمين، وأكبرهم ديانة في عصره وأمانة، مع هدّى صالح، وسمت حسن، وخشوع ووقار، وكانت وفاته ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر من هذه السنة، عن خمس وثمانين سنة، ودفن في مقبرة والده.
العلامة شمس الدين أبو عبد الله بن محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان الأنصاري الدمشقي، المحدّث، الفقيه الشافعيّ، البارع في النحو والغة.
وقال ابن كثير: سمعت الشيخ تقي الدين بن يميّة، وشيخنا الحافظ أبا الحجاج المزيّ يقول كل واحد منهما: إن هذا الرجل فرأ مسند الإمام أحمد، رحمه الله، وهما يسمعان فلم يعدا عليه لحنة، وناهيك بهذين ثناء، هذا وهماهما.
الخطيب محيى الدين محيى بن الخطيب قاضي القضاة عماد الدين عبد الكريم بن قاضي القاضي جمال الدين بن الحرستاني الشافعيّ، خطيب دمشق، ومدرس الغزالية.
وكان فاضلا بارعا، أفتى ودرّس، ولى الخطابة، والغزالية بعد أبيه، وكانت وفاته في جمادى الآخرة منها، عن ثمان وستين سنة، ودفن بسفح جبل قاسيون.
الشيخ الإمام العالم شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الإمام العلاّمة العالم تقي الدين بن تيمية مفتى الفرق.
وكان الشيخ شهاب الدين له فضيلة حسنة ولديه فوائد كبيرة، وكان له كرسىّ بجامع دمشق يتكلم عليه عن ظهر قلبه، وإليه مشيخة دار الحديث السكرّية بالقصاعين، وبها سكته، ثم درس ولده الشيخ تقي الدين أول السنة الآتية، ودفن بمقابر الصوفية.
الشيخ محمد اليمني، خادم الشيخ سفيان أبي عبد الله.
أقام في القاهرة على قدم التجريد عشر سنين، وكان يأكل في كل عشرة أيام أكلة واحدة، وكان لا يلبس المخيط، وكانت إقامته بباب سعادة، وتوفي يوم الاثنين الثاني عشر من جمادى الآخرة، ودفن بباب النصر.
الشيخ عبد الرحمن، رسول الملك أحمد سلطان ملك التتار.
توفي في هذه السنة، وكانت وفاته قريبة من وفاة مرسله، وقد ذكرنا بعض ترجمته، وكان هو تلميذ الشيخ موفق الدين الكواشي.
ويقال: إن موفق الدين أعطاه كتابا في علم السيمياء، وقال له: اخرج اغسل هذا في البحر، فخرج فأودعه عند من يثق به، وادعى أنه غسله، وبعد ذلك اشتغل به وتمهر فيه، ودخل على الخواتين بهذا العلم، وحظى عند المغول، وعند الملك سلطان أحمد، كما ذكرناه.
الأمير الكبير ملك عرب آل مرين أحمد بن حجي، توفي في هذه السنة بمدينة بصرى.
الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد بن الملك المظفر محمود بن الملك المنصور محمد بن الملك المظفر عمر بن شاهنشاه بن أيوب، صاحب حماة.
توفي في هذه السنة، كذا أرّخ بيبرس تاريخ وفاته في هذه السنة.
وذكره الملك المؤيّد ابن ابنه في تاريخه في سنة ثلاث وثمانين وهو أجدر بذلك، فقال، ابتدأ به المرض في أوائل شعبان بعد عوده من خدمة السلطان من دمشق، وكان مرضه حمى صفراويّة داخل العروق، ثم صلح مزاجه بعض الصّلاح، فأشار الأطبّاء بدخوله الحمام، فدخلها، فعاوده المرض، وأحضر له الأطبّاء من دمشق مع من كان في خدمته منهم، واشتدّ به ذات الجنب، وعاجله بما يصلح لذلك فلم يفد شيئا، وفي مدة مرضه أعتق مماليكه، وتاب توبة نصوحا، وكتب إلى السلطان الملك المنصور قلاون يسأله في إقرار ابنه الملك المظفر محمود في ملكه على قاعدته، واشتدّ به مرضه حتى توقي بكرة حادي عشر شوال من سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وكانت ولادته في الساعة الخامسة يوم الخميس لليلتين يقينا من ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، فيكون عمره إحدى وخمسين سنة وستة أشهر وأربعة عشر يوما، وملك حماة يوم السبت ثامن جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وهو اليوم الذي توفي فيه والده الملك المظفر محمود، فيكون مدة ملكه إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام.
وكان أكبر أمانيه أن يعيش حتى يسمع جوابه من السلطان فيما سأله من إقرار ولده الملك المظفر محمود على حماة، فاتفقت وفاته قبل وصول الجواب، وكان قد أرسل في ذلك على البريد مملوكه سنقر أمير آخور، فوصل بالجواب من السلطان.
بعد البسملة.
المملوك قلاون.