ومنها: أن صفر وصلت الهدايا من النفش مع رسله إلى الديار المصريّة، فوجدوا السلطان قد توفى، ووجدوا ولده الملك السعيد قد أقيم مقامه والدولة ما تغيرت، والمعرفة بعدما تنكرت، ولكن فقد أسدها، بل أشدها وأصدها الذي كلما انفتحت ثغرة من سور الإسلام سدها، وكلما انحلت عقدةٌ من عرى العزائم شدها، وكلما رامت فرقة من طوائف الطغاة أن يلج إلى حوزة الإسلام صدها.

ومنها: أن أبا يوسف يعقوب المريني دخل إلى الأندلس منجدا لابن الأحمر، فتلقاه وبادر إلى خدمته وقدم له حصنين من حصونه أحدهما: يسمى طريف على البحر، والآخر: يسمى الجزيرة، فتسلمها منه، ورتب فيهما جماعة من أصحابه، وبلغ الفرنج حضوره إليه واجتماعهما معا، فحشدوا حشدا عظيما وخرجوا بفارصهم وراجلهم لقصدهما، وكان فيهم من أكابر: دوالنتو، وبد رقرمان، والتفوا فكانت الكسرة على الفرنج، فقتل منهم ألوف كثيرة، فجمع المسلمون رءوسهم وجعلوها تلا، فكانت أربعة وعشرين ألف رأس، وصعد المؤذن عليها وقام الأذان فوقها، ورجع يعقوب إلى بلاد الترك في بلاد ابن الأحمر ولده قنديل بن يعقوب، وعنده تقدير أربغة آلاف فارس.

وفيها: "............. ".

وفيها: حج بالناس "..................... ".

ذكر من توفي فيها من الأعيان

قاضي القضاة شمس الدين أبو بكر محمد بن الشيخ عماد الدين بن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور المقدسيّ.

أول من ولى قضاء القضاة للحنابلة بمصر، سمع الحديث حضورا على ابن الطبرزد، وغيره، ورحل إلى بغداد، واشتغل بالفقه، وتفنن في علوم كثيرة، وتولى مشيخة سعيد السعداء، كان شيخا مهيبا، حسن الشيبة، كثير التواضع والبرّ والصدقة، وقد اشترط في قبول الولاية أن لا يكون له عليه جامكية، وقد عزله السلطان عن القضاء قبل موته سنة سبعين، واعتقله بسبب الودائع التي كانت عنده، ثم أطلقه بعد سنين، فلزم منزله واستقر في تدريس الصالحية إلى أن توفي في أواخر المحرم، ودفن عند عمه الحافظ عبد الغني بسفح جبل المقطم، وقد أجاز للحافظ البرزالى.

الشيخ محي الدين النوري الإمام العالم العلامة أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرى بن حسن بن حسين بن جمعة بن حزام الحزامى النووي ثم الدمشقى، الشافعي.

شيخ المذهب وكبير الفقهاء في زمانه، ومن حاز قصب السبق دون أقرانه، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة بنوى، وقدم دمشق سنة تسع وأربعين، وقد حفظ القرآن، فشرع في قراءة التنبيه. يقال: إنه قرأة في أربعة أشهر ونصف، وقرأ ربع العبادات من المذهب في بقية السنة، ثم لزم المشايخ تصحيحا وشرحا، فكان يقرأ كل يوم عشر دروس على المشايخ، ثم غنى بالتصنيف، فخرج أشياء كثيرة منها ما أكملهومنها ما لم يكمله، فما كمله: شرح صحيح مسلم، والروضة، والمنهاج، ورياض الصالحين، والأذكار، والتبيان، وتحرير التنبيه وتصحيحه، وتهذيب الأسماء، واللغات، وطبقات الفقهاء، وغيرذلك، ولم يتممه: شرحه للمهذّب الذي سماه المجموع وصل فيه إلى كتاب الربو، فأبدع فيه وأجاد وأفاد، وقد كان من الزهادة والعباد والتحرّي والورع والانجماع عن الناس والتخلىّ لطلب العلم والتحلى به على جانب عظيم لا يقدر عليه غيره، وقد كان يصوم الدهر ولا يجمع بين أذانين، وغالب قوته ما يحمله أبوه إليه من حوران، وقد باشر تدريس الإقبالية نيابة عن القاضي شمس الدين بن خلكان، وكذلك في الفلكية، والركنية، وكان لا يضيع شيئا من أوقاته، وحج في مدة إقامته بدمشق، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر للملوك وغيرهم، وكانت وفاته في ليلة الرابع والعشرين من شهر رجب من هذه السنة بنوى ودفن فيها.

علي بن علي بن اسفنديار نجم الدين.

الواعظ بجامع دمشق أيام السبوت في الأشهر الثلاثة، وكان شيخ الخانقاة المجاهدية، وبها توفي هذه السنة، وكان فاضلا بارعا، وكان جده يكتب الإنشاء للخليفة الناصر، وأصلهم من بوشح، وشعر نجم الدين هذا:

إذا زار بالجثمان غيري فإنني ... أزور مع الساعات ربعك بالقلب

وما كل ناءٍ عن ديار بنازح ... ولا كل دان في الحقيقة ذو قرب

الشيخ الفخر أبو عبد الله محمد الفارسي.

توفي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة منها بالقاهرة، رحمه الله الشيخ عماد الدين عبد الرحمن بن داود ضاحي المعروف بالسمرباى.

كان فاضلاً، وله نظم حسن، ومن شعره:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015