الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن رجا التنوخي الإسكندراني، العدل بالإسكندرية.

مات في السادس والعشرين من المحرم بالإسكندرية، ودفن من الغد بين الميناءين، سمع وحدث، وناب في الحكم بثغر الإسكندرية.

الشيخ الصالح المحدث أبو الفتح محمد بن أبي بكر الكوفني الأبيوردي الصوفي الشافعي.

كان من أهل الدين والصلاح والعفاف. مات في ليلة الحادي عشر من جمادى الأولى بالقاهرة، ودفن من الغد بسفح المقطم، سمع كثيرا وحدث، وخرج لنفسه معجما عن مشايخه الذين سمع منهم، ووقف كتبه.

والكوفني: بضم الكاف وسكون الواو وفتح الفاء وبعد النون ياء النسب، نسبة إلى كوفن بلدة قريبة من أبيورد.

الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن عبد الواحد المقدسي الحوراني. كان أحد المشايخ المشهورين الجامعين بين العقل والدين والتجرد والإنقطاع، توفي في هذه السنة بالمدينة النبوية.

الأمير الكبير عز الدين أيدمر بن عبد الله الحلي الصالحي. كان من أكابر الأمراء، وأحظاهم عند الملوك، ثم عند الملك الظاهر بيبرس، كان يستنيبه في غيهته، ولما كانت هذه السنة أخذه معه، وكانت وفاته في قلعة دمشق، ودفن بتربته بالقرب من اليغموريّة، وخلف أموالا جزيلة، وأوصى إلى السلطان في أولاده، وحضر السلطان في عزائه بجامع دمشق.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السّنة الثامنة والسّتين بعد السّتمائة

استهلت هذه السنة، والخليفة هو: الحاكم بأمر الله العباسيّ، وهو متوطن بالقاهرة.

وسلطان البلاد المصرية والشاميّة: الملك الظاهر بيبرس الصالحي، وكان قد وصل إلى دمشق من الحجاز الشريف في ثاني محرم هذه السنة على الهجن، ثم راح إلى حلب فدخلها في سادس الشهر، ثم عاد إلى دمشق، ثم سار إلى مصر فدخلها في ثالث صفر من هذه السنة، كما ذكرناه مفصلا في السنة الماضية.

ذكر خروج السّلطان الملك الظاهر إلى جهة الشّام

ولما دخل السلطان الديار المصريّة في ثالث صفر من هذه السنة، بعد عوده من الشام، جاءته الأخبار بحركة التتار، وأنهم تواعدوا مع الفرنج الساحليّة، وأغاروا على الساجور قريبا من حلب، واستاقوا مواشي العربان، فجهز الخروج أيضا ولكنه أراح العسكر مديدةً، ثم خرج جريدة في ليلة الأثنين الحادي والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة، ووصل إلى غزة ثم منها إلى دمشق، فانهزم التتار، وكان مقدمهم صمغار.

وقال ابن كثير: وفي تاسع عشر شهر ربيع الآخر منها وصل السلطان الملك الظاهر بيبرس إلى دمشق في طائفة من جيشه، وقد لقوا في الطريق مشقّة كبيرة من البرد والوحل، وبلغه أن ابن أخت زيتون خرج من عكّا يتقصد جيش المسلمين، فركب إليه سريعا، فوجده قريبّا من عكّا، فأسره وأسر جماعة من أصحابه، وقتل آخرين.

وقال بيبرس: وفيها أغار السلطان على مرج يعقوب وما حول عكا، وأسر من محتشمى الفرنج جماعةً، وقتل نائب فرنسيس بعكا، ولم يعدم من عسكر الإسلام إلا الأمير فخر الدين الطوينا الفائزي، وعاد السلطان ورءوس القتلى قدامه تحملها أساراهم على الرماح إلى صفد، وتوجه إلى دمشق، ثم إلى حماة، ثم إلى كفر طاب، وتوجّه إلى حصن الأكراد في مائتي فارس، فخرج إليه جماعة من الفرنج ملبسين، فحمل عليهم السلطان، فكسرهم، وقتل منهم جماعة.

ذكر استيلائه على حصون الإسماعيليّة

وكان السلطان رحمه الله قد أبطل رسوم الإسماعيلية التي كانت تجى إليهم، واستأدى الحقوق من مراكبهم، وكسر شوكتهم ومضايقتهم، وحضر إليه صارم الدين مبارك بن الرضى العليقة، وقلده السلطان بلاد الدعوة، وعزل نجم الدين الشعراني الملقب بالصاحب وولده منها لأنه لم يحضر إلى الخدمة، ونعت صارم الدين بالصاحب، وأرسل معه عسكرا إلى مصياف، فتسلّمها في العشر الأوسط من رجب من هذه السنة، وهي كرسىّ مملكتهم، وهي مقّر الفداويّة، فعند ذلك حضر الصاحب نجم الدين إلى الأبواب السلطانية، وهو شيخ كبير جداً، فرحمه السلطان ورقّ له، وولاّه النيابة شريكا لابن الرضى، فإنه صهره، وقرر عليه حمل مائة وعشرين ألف درهم في كل سنة، وعاد السلطان من جهة حصن الأكراد، فدخل دمشق في الثامن والعشرين من رجب.

ذكر عود السلطان إلى الديار المصريّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015