وقال ابن خلكان أيضاً: وكنت أجتمع به في كل وقت، فتأخرت عنه مديدة لعذر أوجب ذلك، وكنت في ذلك الوقت أنوبُ في الحكم بالقاهرة عن قاضى القضاة بدر الدين أبي المحاسن يوسف بن الحسن بن على الحاكم بالديار المصرية المعروف بقاضى سنجار، فكَتَبَ إلىَّ ابن مطروح يقول:
يا مَنْ إذا استوحش طرفى له ... لم يخْلُ قلبى منه من أُنْسِ
والطرفُ والقلْبُ على ما هما ... عليه مأْوى البدر والشمسَ
وكان بينه وبين بهاء الدين زهير صحبة قديمة من زمن الصبا، وإقامتها ببلاد الصعيد، حتى كانا كالأخوين وليس بينهما فرق في أمور الدنيا، ثم اتصلا بخدمة الملك الصالح وهما على تلك المودَّة، وبينهما مكاتبات بالأشعار فيما يجرى لهما، فأخبرنى بهاء الدين زُهير أن جمال الدين بن مطروح كتب إليه في بعض الأيام يَطلبُ منه درج ورق، وكان قد ضاق به الوقت، وأظنهما كانا ببلاد الشرق معاً.
أفلست يا سيدى من الورق ... فجدُ بدرَجْ كعرضك اليقق
وإن أتى بالمداد مقترنا ... فمرحبا بالخدود والحدق
وفي تاريخ المؤيد: وفى سنة تسع وأربعين وستمائة توفى الصاحب محيى الدين ابن مطروح، وكان متقدما عند الملك الصالح أيوب، كان يتولىله لما كان الصالح بالشرق نظراً لجيش، ثم استعمله على دشمق، ثم عزله، وولى ابن يغمور، وكان ابن مطروح المذكور فاضلاً في النثر والنظم ومن شعره:
عانقته فسكرت من طيب الشذا ... غصناً رطيباً بالنسيم قد اغتذا
نشوان ماشرب المدام وإنما ... أمسى بخمر رُضابه مُتنَبَّذا
جاء العذولُ يلومنى من بَعْدمَا ... أخذ الغرام عَلَّى فيه ماخذا
لا أرعوى لا أنثنى لا أنتهى ... عن حُبّه فليهْذ فيه مَنْ هذا
إن عشتُ عشت على الغرام وإن أُمتْ ... وجدا به وصبابةً يا حبَذا
فصل فيما وقع من الحوادث
إستهك هذه السنة، والخليفة: المستعصم بالله.
وسلطان الديار المصرية: الملك المعز الدين أيبك الجاشنكير الصالحى التركمانى.
وصاحب دمشق وحلب: السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن السلطان الملك العزيز محمد بن السلطان الملك الظاهر غازى بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب.
وصاحب حمص: الملك الأشرف موسى بن الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادى.
وصاحب حماة: الملك المنصور محمد بن الملك المظفر محمود بن الملك المنصور محمد بن الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
وصاحب عينتاب: الملك الصالح صلاح الدين أحمد بن الملك الظاهر غارى ابن السطلان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.
وصاحب بلاد الروم: السلطان غياث الدين كيخسرو بن السلطان علاء الدين كيقباد السلجوقى.
وصاحب ماردين:) (.
وصاحب الموكل: بدر الدين لؤلؤ.
وأما بلاد عراق العجم وبلاد خراسان وغيرها إلى بلاد ما وراء النهر وبلاد الدشت وغيرها: ففى أيادى أولاد حنكزخان.
وصاحب اليمن: صلاح الدين يوسف بن عمر بن على بن رسول.