وليس ذلك خاصاً بعمر، فإن مَن قوي إيمانه يقهر شيطانه، ويذله، كما في الحديث: (إن المؤمن لينصي شيطانه كما ينصي أحدكم بعيره في السفر) . رواه أحمد. قال ابن كثير (?) : بعد أن ساق هذا الحديث: " ومعنى لينصي شيطانه: ليأخذ بناصيته، فيغلبه، ويقهره، كما يفعل بالعبير إذا شرد ثم غلبه ".
وقد يصل الأمر أن يؤثر المسلم في قرينه الملازم له فيسلم، أخرج مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وُكّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة) ، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: (وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير) (?) .
ثالثاً: تسخير الجن لنبي الله سليمان:
سخر الله لنبيه سليمان - في جملة ما سخر - الجن والشياطين، يعملون له ما يشاء، ويعذب ويسجن العصاة منهم: (فسخَّرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب - والشَّياطين كل بنَّاءٍ وغوَّاصٍ - وآخرين مقرَّنين في الأصفاد) [ص: 36-38] .
وقال في سورة سبأ: (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السَّعير - يعملون له ما يشاء من مَّحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب وقدورٍ رَّاسياتٍ) [سبأ: 12-13] .
وهذا التسخير على هذا النحو استجابة من الله لعبده سليمان حين دعاه