الأرض واتَّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الَّذين كذَّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلَّهم يتفكَّرون) [الأعراف: 175-176] . وواضح أن هذا مثل لمن عرف الحق وكفر به كاليهود الذين يعلمون أن محمداً مرسل من ربه، ثم هم يكفرون به.

أما هذا الذي عناه الله هنا، فقال بعضهم: هو بلعام بن باعورا، كان صالحاً ثم كفر، وقيل: هو أمية بن أبي الصلت من المتألهين في الجاهلية، أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمن به حسداً، وكان يرجو أن يكون هو النبي المبعوث، وليس عندنا نص صحيح يعرفنا بالمراد من الآية على وجه التحديد.

وهذا الصنف (الذي يؤتى الآيات ثم يكفر) صنف خطر، به شَبَه من الشيطان؛ لأنّ الشيطان كفر بعد معرفته الحق، ولقد تخوف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا النوع على أمته، روى الحافظ أبو يعلى عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أتخوف عليكم رجلاً قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله انسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك) . قال: قلت: يا رسول الله: أيهما أولى بالسيف: الرامي أم المرمي؟ قال: (بل الرامي) ، قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد (?) .

ثانياً: خوف الشيطان من بعض عباد الله وهربه منهم:

إذا تمكن العبد في الإسلام، ورسخ الإيمان في قلبه، وكان وقّافاً عند حدود الله، فإنّ الشيطان يفرق منه، ويفرّ منه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (إن الشيطان ليخاف منك يا عمر) (?) ، وقال فيه أيضاً: (إني لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من عمر) (?) ، وفي صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب: (والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلى سلك فجاً غير فجك) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015