سبّح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثمّ قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال، قال فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً؛ حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا، فتخطف الجنّ السمع، فيقذفون إلى أوليائهم، ويرمون به، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يَقْرِفون فيه ويزيدون) (?) .

وقد يكون استراقهم السمع بطريق أهون عليهم من الطريق الأولى، وذلك بأن تستمع الشياطين إلى الملائكة الذين يهبطون إلى العنان بما يكون من أحداث قدرها الله، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الملائكة تتحدث في العنان - والعنان الغمام - بالأمر يكون في الأرض، فتستمع الشياطين الكلمة، فتقرها في أذن الكاهن كما تقرّ القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة) (?) .

ثالثاً: علمهم بالإعمار والتصنيع:

أخبرنا الله أنه سخر لنبيّه سليمان، فكانوا يقومون له بأعمال كثيرة تحتاج إلى قدرات، وذكاء، ومهارات: (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السَّعير - يعملون له ما يشاء من مَّحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب وقدورٍ رَّاسِيَاتٍ) [سبأ: 12-13] .

ولعلهم قد توصلوا منذ القدم إلى اكتشاف مثل (الراديو والتلفزيون) ، فقد ذكر ابن تيمية أن بعض الشيوخ الذين كان لهم اتصال بالجن أخبره وقال له: " إن الجن يرونه شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج، ويمثلون له فيه ما يطلب منه من الأخبار به، قال فأخبر الناس به، ويوصلون إليّ كلام من استغاث بي من أصحابي، فأجيبه، فيوصلون جوابي إليه " (?) .

رابعاً: قدرتهم على التشكل:

للجن قدرة على التشكل بأشكال الإنسان والحيوان، فقد جاء الشيطان المشركين يوم بدر في صورة سراقة بن مالك، ووعد المشركين بالنصر، وفيه أنزل: (وإذ زيَّن لهم الشَّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النَّاس وَإِنِّي جارٌ لكم) [الأنفال: 48] .

ولكن عندما التقى الجيشان، وعاين الملائكة تتنزل من السماء، ولى هارباً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015